تحمل الهجمات التي تعرضت لها شبكة النقل العام في لندن يوم الخميس والتي تضمنت عدة تفجيرات وأقصى قدر من إراقة الدماء وتأثير عالمي بصمات تنظيم القاعدة الواضحة. وقال محللون إن شبكة القاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن هي وحدها التي تملك القدرة التنظيمية والحماسة الايديولوجية لتوجيه مثل هذه الضربات القاتلة لقلب «الغرب الصليبي» التي ترى أنه يشن حرباً على الإسلام. والتوقيت السياسي الذي اختارته القاعدة بتوجيه الضربة اثناء اجتماع الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في قمة مجموعة الثماني في اسكتلندا أمر يتفق تماما مع أساليبهم. قال مصطفى علاني محلل شؤون الأمن في مركز أبحاث الخليج ومقره دبي «الأسلوب هو أسلوب القاعدة هجمات متعددة في مواقع جغرافية مختلفة لإنزال أكبر قدر من الاصابات. القاعدة وحدها هي التي تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات متعاقبة بمثل هذا التنسيق.» ومضى يقول «لا شك عندنا في أنها القاعدة ليس بسبب تخطيط الهجمات وحسب وإنما أيضا بسبب اختيارهم السياسي للتوقيت. فالقاعدة تختار دائما توقيتات تنفيذ هجماتها لتتزامن مع أحداث سياسية مهمة. هذه هي استراتيجيتهم.» وسقط أكثر من 50 قتيلا وأصيب 700 شخص في تفجيرات وقعت يوم الخميس هي على ما يبدو أول هجمات تشنها القاعدة في لندن وأعنف هجوم تتعرض له بريطانيا في وقت السلم. وهناك أوجه للشبه بين التفجيرات التي تعرضت لها شبكة مترو الانفاق وحافلة في لندن مع التفجيرات التي وقعت في مدريد في العام الماضي عندما انفجرت عشر قنابل اخفيت في حقائب رياضية في أربعة قطارات ضواح مزدحمة في ساعة الذروة الصباحية لتسفر عن سقوط 191 قتيلا. ويشير مسؤولون بريطانيون بأصابع الاتهام للقاعدة وأعلنت جماعتان غير معروفتين كلاهما يتحدث باسم القاعدة مسؤوليتهما إلى الآن. لكن لم يوضع أي من الإعلانين على مواقع معروفة للقاعدة على شبكة الانترنت ولغتها غير أصيلة على ما يبدو. والهجمات التي تحدث في تعاقب سريع يستهدف إحداث أكبر قدر من الأضرار والذعر أسلوب كثيراً ما تستخدمه القاعدة منذ تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق أفريقيا في عام 1998 ثم هجمات 11 سبتمبر- أيلول عام 2001 على الولاياتالمتحدة بطائرات ركاب مختطفة. ومنذئذ تكرر النمط في هجمات متكررة قاتلة نسبت إلى القاعدة أو متشددين إسلاميين يشبهونها في اندونيسيا وكينيا والمغرب والسعودية وتركيا واسبانيا. وقال معظم المحللين إن هجوم القاعدة في لندن كان مسألة وقت وحسب بسبب تأييد بلير لبوش في الحرب على الارهاب بما في ذلك غزو أفغانستان والعراق. قال علاني «هناك أسس تستند إليها القاعدة لمهاجمة بريطانيا التي يرون أنها حليف للولايات المتحدة.» وقال بعض الخبراء إن المهاجمين قد يكونون إسلاميين بريطانيين من جاليات عربية أو آسيوية أو شمال أفريقية جندتهم القاعدة. لكن الكثيرين يعتقدون أن عددا قليلا من هؤلاء ربما جاء من الخارج مع دعم بالإمداد والتموين من الداخل. وقال مانجنوس رانستورب خبير الإرهاب المقيم في بريطانيا «ربما يكون هناك بعض العناصر التي جاءت من الخارج... بعض المخضرمين الذين وفروا الخبرة لكن عندما تنتهي التحقيقات ربما نجد أن الغالبية جاءوا من الداخل.» وسيكون نوع المتفجرات ومصدرها وطريقة تفجير القنابل عناصر رئيسية في التحقيق. وقال رانستورب «آلية التفجير ستقدم الدليل الحقيقي على تعقد الهجمات.» وقال: إن المفجرين قد يكونون جزءا من خلية واحدة لكنهم يعملون دون أن يعرفوا بعضهم وهو أسلوب تقليدي تتبعه القاعدة للحفاظ على السرية وتجنب أن تكتشف إذا اعتقل أحد اعضائها. وأضاف «إنه عمل لمحترفي القاعدة. إنني متأكد تقريبا من أن الأربعة الذين نفذوا الهجمات لا يعرفون شيئا عن بعضهم.» ورغم تحذيرات مسؤولين بريطانيين رجحت هجوما للقاعدة قال محللون إن تفجيرات الخميس بينت أن الشبكة العالمية لا تزال تمتلك القدرة على تخطيط وتنفيذ هجمات قاتلة آثارها السياسية ليست بسيطة بالنسبة لبلير. وقال رانستورب لرويترز «هذا يبين أن مجموعة صغيرة من الأفراد قادرة دائما على أن تحجب اجتماع دول مجموعة الثماني الأقوى في العالم والأهم معاقبة بريطانيا والولاياتالمتحدة لتورطهما في العراق».