هناك اعتقاد سائد بأن اشراك مزيد من النساء في السلطة هو وسيلة لمحاربة الفساد.. ويقول هذا المنطق ان من غير المرجح ان تقبل المرأة رشوة أو تقدم منفعتها الشخصية على المصلحة العامة. لكن هل هذا صحيح؟ وعلى الرغم من اعتراض كثيرين على فكرة ان النساء هن «الجنس الاكثر نزاهة» ويرونها فكرة مبسطة للغاية بل تستند الى مبدأ التمييز بين الجنسين الا ان مجموعة متزايدة من الابحاث تشير الى ان دخول المرأة الى المعترك قد يساعد حقا في محاربة الفساد. لكن النظرة المتعمقة تظهر ان هذا الربط بين نوع الجنس والفساد أكثر تعقيدا من الفكرة المبسطة هذه. ولا يتعلق الأمر بأن المرأة أكثر نقاءً من الرجل او محصنة أكثر من نزعة الطمع بل تجيء الصلة المحتملة من ان المرأة تصعد الى مناصب السلطة في الانظمة السياسية الديمقراطية المنفتحة وان مثل هذه المجتمعات هي عادة لا تتسامح مع الافعال الخاطئة مثل استغلال النفوذ واهدار المال العام. وقالت ميلين فرفير السفيرة الامريكية المختصة بقضايا المرأة عالميا «الامر ليس اشراك المزيد من النساء في السياسة ونقول حسناً هذا سيغير كل شيء». «الامر متعلق بتغيير ميزان نوع الجنس حينها يمكن ان نقوم بعمل أفضل في علاج مشاكلنا. من المعلومات التي نجمعها يمكن القول ان هذا سيكون له مردود صحي». شايناواترا رئيسة وزراء تايلند نموذج للمرأة القيادية.. (ا ف ب) وعلى هذا الاساس قد لا يكون اشراك المرأة هو السبب المباشر لكن هناك أدلة قد تؤيد فيما يبدو الرأي القائل بأن وصول مزيد من النساء الى المناصب العامة سيحسن نوعية الحكومة ومع هذا يتراجع الفساد. وفي ليما عاصمة بيرو على سبيل المثال خلصت دراسة ميدانية اجرتها سابرينا كريم الى ان المفهوم العام بأن الرشوة هي مشكلة كبرى منتشرة بين شرطة مكافحة المخدرات تراجع بشدة عام 2012 مقارنة بأربعة عشر عاما مضت. وحدث التغيير حين جندت 2500 امرأة للقيام بدوريات في الشوارع. كما أظهر مسح منفصل للرأي العام ان هناك موافقة بلغت نسبتها 86 في المئة على الاداء الذي قدمته المرأة كضابطة لمكافحة المخدرات ووجدت كريم المرشحة لنيل الدكتوراة من جامعة ايموري ان 95 في المئة ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون ان وجود المرأة في هذه القوة قلص الفساد وان 67 في المئة يعتقدون ان المرأة هي أقل فسادا. وحذت المكسيك حذو ليما وبدأت تستخدم الضابطات في محاربة الفساد. وشهدت الهند أيضا تغييرا منذ ان خصص قانون عام 1993 ما يصل الى 30 في المئة من مقاعد مجالس القرى للمرأة. ونسب تقرير التنمية العالمي الذي يصدره البنك الدولي سنويا الفضل في تحسن معايير المياه النقية والصحة والمدارس وتراجع مستويات الفساد الى هذا التغيير. وخلص تقرير البنك الدولي الى ان الرشى التي تدفع في قرى هندية ترأسها نساء انخفضت بنسبة تتراوح بين 2.7 و3.2 نقطة مئوية عن تلك التي يرأسها رجال. ويقول باحثون انه حين يمسك الرجال بكل مستويات السلطة تستثمر الاموال على الارجح في مشاريع ضخمة مثل شق الطرق والتي ينتشر فيها الفساد لا في المدارس والمستشفيات. وتعتقد مهناز أفخمي وزيرة الدولة لشؤون المرأة في ايران من عام 1975 الى عام 1978 ان ارتفاع صوت المرأة سيكون له أثر كبير على نوعية الحكومة. وقالت افخمي «هناك علاقة مباشرة بين مستوى الديمقراطية وتمثيل المرأة في الزعامة ونوعية الحكم». وترأس أفخمي الان شراكة تعليم المرأة وهو مركز للتدريب والدعاية للزعماء من النساء ومقره ماريلاند. وخلال فترة وجودها في ايران أشرفت على حصول المرأة على حقوق متساوية في الطلاق وإجازة من العمل لرعاية الاطفال. وفي نيكاراغوا دفع عضو في المجلس البلدي اورورا اروس لترشيح نفسها لمجلس البلدية لانه كان يشترط إقامة علاقة معها حتى يوافق على بناء سطح معدني لمنزلها. وجاء في تقرير لبرنامج التنمية التابع للامم المتحدة نشر في اكتوبر/ تشرين الاول ان اروس كانت ترأس جمعية تعاونية نسائية وتعرف حقوقها القانونية فقدمت شكوى للشرطة حين طلب عضو مجلس البلدية (رشوة جنسية) منها. كل هذه الامثلة تعزز دراسة للبنك الدولي عام 1999 وجدت انه مع كل نقطة زائدة في مشاركة المرأة في المناصب العامة فوق 10.9 في المئة ينخفض الفساد بنسبة عشرة في المئة. وتتفق سري مولياني اندراواتي التي كانت اول امرأة تشغل منصب وزيرة المالية في اندونيسيا واكتسبت شهرة بأنها اصلاحية عنيدة على انه على مستوى القاعدة يمكن ان يكون لزيادة عدد النساء في الحكومة تأثير مهم خاصة على كيفية تخصيص الموارد. وهي ترى ان المرأة تفكر اولا في رفاهة الاطفال وما إذا كان لديها ما يكفي من طعام لأسرتها بينما الرجال يمكن ان يكونوا اقل اهتماما باحتياجات الناس ويهتمون اولا بمصلحتهم الشخصية. لكن على المستوى الوطني تقول اندراواتي وخبراء آخرون ان تأثير اشراك مزيد من النساء في الحكومة كان أقل وضوحا وانه من التبسيط القول ان النساء يمكنهن تطهير الحكومات. ويقول الاتحاد العام للبرلمانات ان النساء يشغلن الان نسبة قياسية بلغت 20.2 في المئة من مقاعد المجالس التشريعية الوطنية وهو أكثر من ضعف عدد المقاعد التي كانت تشغلهاالمرأة عام 1987. فعلى سبيل المثال تخصص رواندا نصف مقاعد البرلمان للنساء.