من المعالم البارزة في كيان المملكة العربية السعودية عنايتها بالقرآن الكريم منذ قيامها وتأسيسها، حيث جعلت القرآن منهج حياتها، إلى جانب السنة النبوية التي توضح القرآن وتبينه، فكتب الله لها العز والتمكين، والبقاء والدوام، والأمن والاستقرار، والاجتماع والتلاحم، ومن هذه العناية بالقرآن عقد مسابقة القرآن الدولية التي تحمل اسم مؤسس هذا الكيان العظيم الملك/ عبد العزيز بن عبد الرحمن التي تعقد في مكةالمكرمة سنوياً بجوار بيت الله الحرام. وتتميز هذه المسابقة الدولية بأنها ذات أهداف سامية، ورسالة عالية، فهي تبرز عناية المملكة العربية السعودية، وتظهر اهتمامها وجهودها بالقرآن، من حيث: تلاوته، وحفظه، وتجويده، وتفسيره، ونشر هدايته، كما أن فيها جمعاً وتشجيعاً لأبناء المسلمين على الإقبال على القرآن الكريم، والاجتماع على مائدة هدايته، وتدبر آياته، ومن أهدافها: أنها تنشط روح التنافس بين الحفاظ المتسابقين، وهذا التنافس يعد من أشرف الأعمال التي يتنافس فيها المسلمون؛ لأن الله – تعالى – رتب عليه الأجور العظيمة، وهو داخل في قوله – تعالى – :خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ[المطففين: 26]؛ لأن التنافس في حفظ القرآن وتجويده هو الطريق الموصل إلى الله وإلى جنته، إذا اقترن ذلك بالإخلاص لله – تعالى – . ومن المعاني العظيمة في عقد هذه المسابقة الدولية ربط شباب الأمة الإسلامية بالقرآن الذي هو مصدر عز المسلمين في الدنيا والآخرة، واستلهام الدروس والعبر في الثبات على الدين والهداية إلى الصراط المستقيم، والتحلي بالأخلاق القرآنية، ونبذ كل ما يخالف ذلك، ومعرفة الحقوق الواجبة على المسلم لربه ولنفسه ولغيره، وفي ذلك تحصين للعقول من الزيغ والانحراف، وحفظٌ لها من الوقوع في فتن الشبهات والشهوات. وتعد مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن غرة المسابقات القرآنية التي تقام في المملكة، حيث يشترك فيها معظم الدول العربية والإسلامية، على اختلاف القراءات لكل دولة، وإلى جانب حفظ القرآن تظهر عناية المسابقة بالقراءات القرآنية التي قرأ بها الأئمة الأعلام من القراء السبعة، وفي هذا دلالة واضحة على الجهود المبذولة في الإعداد والترتيب لعقد هذه المسابقة، كما أن من المعالم البارزة فيها إقامتها في أروقة الحرم المكي، ولهذا أثر كبير يظهر على نفس المتسابق والمستمع للمسابقة، وهو داخل في قوله عليه الصلاة والسلام: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) [رواه مسلم]. وهذا الاجتماع الدولي حول القرآن وقراءاته هو بفضل من الله ثم بجهود قيادة هذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، الذين دعموا هذه المسابقة وساندوها وآزروها حتى وصلت إلى هذا المستوى الرفيع الذي يفتخر به كل مسلم، وكذلك الجهود المبذولة التي تقدمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بقيادة معالي الوزير وكل القائمين على المسابقة فجزى الله الجميع خيراً وبارك في جهودهم وأعمالهم. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية