لقد أتيحت لي فرصة عظيمة لزيارة منطقة جازان الأسبوع الماضي. حيث استقبلني صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر، أمير منطقة جازان، استقبالا حارا وفريق العمل مع سموّه. وتجلّى الكرم السعودي وحسن الضيافة التقليدي بشكل رائع. وكانت هذه رحلتي الأولى لجنوب البلاد، وفي الحقيقة إنها أول رحلة خارج المدن الرئيسية، الرياض، جدة والمنطقة الشرقية. وشملت الرحلة زيارات لمحافظات جازان فيفاء وجزر فرسان، حيث استمتعت ببعض مناظر المحميّات الطبيعية الخلابة والأعمال الأثرية التي تجري على قدم وساق، واستحضرت تاريخ المنطقة. كما سررت بالاجتماع مع أشخاص من أنحاء مختلفة من المملكة، إضافة لرؤية العمل الرائع الذي يجري تنفيذه في هذه المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية من المملكة العربية السعودية. ولقد وجدت من خلال تجاربي أن جازان تختلف كثيرا عن أماكن أخرى من المملكة. إنها منطقة جميلة وتستحق أن توصف " بسلّة غذاء المملكة العربية السعودية". وأثناء وجودي في تلك المنطقة، أتيحت لي فرصة تذوّق بعض المنتجات المحليّة؛ البابّاي الطازج الذي يزرع محليا، والبن، والموز والرمّان المزروع في المدرّجات الجبلية. تذوقت أشهى أنواع السمك على الإطلاق، وتناولت طعام العشاء الذي ضم أطباقا محلية أخرى، واحتسيت القهوة مع شيخ على قمم الجبال المحيطة بفيفاء. كما اطلعت على عجلة التنمية عن قرب، وشاهدت المياه البلّورية الزرقاء على شواطئ فرسان، والتقيت بالمحافظين المحليين وناقشنا الوضع الراهن في المنطقة. ما أدهشني حقا هو العمل الجاري تنفيذه في جامعة جازان لبناء السكن الجامعي للطلاب والذي يعتبر إنجازا سعوديا في القرن الحادي والعشرين. هناك الكثير من الصور النمطية في العالم الخارجي حول المملكة العربية السعودية؛ ومنها أن المملكة عبارة عن صحراء شاسعة ذات درجات حرارة مرتفعة مكتظة بالخيول العربية. ولكن الحقيقة هي أن المملكة تضم مجموعة واسعة من الناس والثقافات وكذلك التاريخ العريق كما هو الحال في أي مكان من العالم. ومن فوائد السفر العظيمة هو الاطلاع على كل جديد، والاجتماع بأناس مختلفين، واكتشاف أنماط حياة جديدة، وتكوين انطباعات شخصية بدلا من الاعتماد على القصص والصور النمطية. بالرغم من أن ذلك قد يشكل تحديا، إلا أنني على يقين بأن السفر يعد ميزة يفضلها زملائي الدبلوماسيون، وأحد الأسباب التي جعلتني ألتحق بالسلك الدبلوماسي. وهنا تكمن الأهميّة في السفر خارج الرياض. وإنه من الطبيعي أن ينشغل أي سفير في العاصمة لأسباب تتعلق باجتماعات مع الحكومة ووزرائها والاهتمام بالشؤون الإدارية داخل السفارة. وكذلك هو الحال في المملكة المتحدة، فلا يمكن للدبلوماسي الذي يعيش في لندن تشكيل فهم شامل عن المملكة المتحدة ما لم يقم بزيارة باقي أرجاء البلاد - جلاسكو، كارديف، بلفاست، بيرمينغهام، نيوكاسل ومانشستر. ولهذا لا يمكن لأي شخص أن يتفهم المملكة العربية السعودية وما فيها من ثقافات وحضارة حتى يشاهد أكثر ويذهب لأبعد من الأسواق المركزية والمكاتب الموجودة في الرياض أو جدة. والآن تقع على عاتقي مهمة نقل هذا الفهم بشكل أكثر فاعلية للعالم الخارجي. لقد مثلت زيارتي لجازان بداية ممتازة، وبكل تأكيد لن تكون الأخيرة. أتوجه مجددا بجزيل الشكر والامتنان لصاحب السمو الملكي، أمير المنطقة، وللفريق العامل مع سموّه ولكافة المحافظين الذين جعلوا زيارتي ناجحة. * السفير البريطاني لدى المملكة