لقد تشرفت بمرافقة الأمير سلطان بن سلمان بعد عودته من رحلته إلى الفضاء عام 1985م في جولة آسيوية إلى [ تايلند وكوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ واليابان] دعى إليها سموه من قادة تلك الدول للتعرف على أول رائد فضاء عربي مسلم وكان الاستقبال والحفاوة كبيرين وكانت لي مناسبة للتعرف عن كثب على سموه فأعجبت بالأخلاق العالية التي يتمتع بها سموه فقد كان يؤم الوفد المرافق بالصلوات مستقيماً متواضعاً متحدثاً لبقاً ودبلوماسياً مجاملاً في تعامله مع مضيفيه إلى أبعد الحدود في الإشادة في بعض الأطعمة البحرية الآسيوية بالرغم من غرابة شكلها وصعوبة مضغها ولم استغرب هذا السلوك الراقي الرفيع من سموه الذي نشأ في كنف والده سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي يعتبر اسلوبه في التربية لأبنائه نموذجاً يحتذى به في المحافظة على الدين والأخلاق الحميدة والسعي في طلب العلم والمعرفة وتكون الصعوبة شديدة في الاستقامة عندما تكون كل المغريات بالانحراف موجودة تأكيداً لما قيل في أحد كتب الأدب [اتق السكرات الثلاث الشباب والسلطة والمال] حيث إن أي منها جذابة بشكل قد تدفع المرء للخطأ فكيف إذا اجتمعت جميعها في شخص وقاوم اغراءها بنجاح دينياً وأخلاقياً وعلمياً مثل الأمير سلطان بن سلمان فأخذ بجانبها الايجابي وهو العمل الجاد والتواضع وبذل المال في مكانه المناسب، ونجد كذلك كثيراً من الأمراء الذين يفخر المواطن بهم ويأمن على المستقبل بعد الله بوجودهم. ولقد جالت في خاطري هذه الأفكار بعد متابعتي لافتتاح سموه مؤخراً معرض (روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) في واشنطن في محطته الخامسة بعد فرنسا وأسبانيا وروسيا وألمانيا حيث قال سموه في كلمة الافتتاح [إن الجميع يعلم الأبعاد الثلاثة التي تتميز بها المملكة العربية السعودية وتشكل شخصيتها أمام العالم. فالبعد الديني والبعد السياسي والبعد الاقتصادي المؤثرة في المستوى العالمي واضحة للعيان لكن البعد الحضاري للمملكة تقتصر معرفته على نطاق ضيق لدى المختصين والعلماء والباحثين ويأتي مثل هذا المعرض للتعريف به وإبرازه أمام العالم لمثل هذا الارث الثمين المكانة التي يستحقها تاريخياً وحضارياً وثقافياً بهذا المعرض نريد أن نبرز أن الدين الإسلامي الذي انطلق من الجزيرة العربية هو دين عظيم احترم جميع الحضارات الأخرى التي سبقته وتمكن من احتوائها وبنى فوقها الحضارة الإسلامية العظيمة] . إن إقامة هذا المعرض في الولاياتالمتحدة وفي مؤسسة سميثسونيان في واشنطن مهم جداً لأنها تعتبر من أبرز وأكبر مجمعات المتاحف ومراكز البحوث في العالم. إن المغزى الذي يؤكده هذا المعرض وبما يحويه من مأثورات وموارد أثرية استقراء لأقصى معاني انفتاح المملكة على الحضارات والثقافات الأخرى عبر مراحل التاريخ مما يدل هذا الأمر في صورته الآنية على أن مملكتنا الفتية ليست حضارتها طارئة وإنما راسخة عبر العصور فلا غرو في ذلك فهي مهد الرسالة الإسلامية السامية. فالشكر والتقدير والامتنان لسمو الأمير سلطان لجهوده الدؤوبة والمستمرة في إبراز هذا الجانب الحضاري للمملكة عالمياً وهذا النشاط لسموه يضاف إلى ما يقوم به سموه من جهود جبارة في الجانب السياحي للمملكة الذي سيحقق إن شاء الله فوائد كبيرة أبرزها في توظيف العمالة الوطنية. وأبارك لحضرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولسمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز في حرصهم واهتمامهم الكبيرين على بلوغ رسالة المملكة عالمياً في جوانبها الدينية والسياسية والاقتصادية وأخيراً الحضارية. *سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة البحرين