صوتُ إنفجار جُن منه العقل وطار، والناسُ تصرخ هُنا وهُناك عن ما حدث وصار..! أما حان لنا أن نقف على عتبات حياتنا وقفةُ اعتبار. في يوم الخميس الموافق ل 16/12/1433 ه وفي الساعة السابعة وثُلث صباحاً، هذا يصحو من نومه وتلك في محاولات الخلود إلى النوم، إذ بذاك الصوت الذي هزّ أرجاء الرياض بجهاتها الأربع صوتٌ وكأنه مُنادٍ يُنادي: أصحوا ياعالمين أن الدُنيا فانيه.. من منكُم وقف وتأمل الحدث.. التوقيت.. الصوت.. والهزّه.. وتحطم المباني المجاورة.. وتكسُر زجاج السيارات.. والوفيات.. ؟؟ ما رأيكم أن نقف عند الاخيره كمثال؟ تخيلوا لو أنكم كُنتم أنتم في هذا الطريق يومها وأن ما أصابهم أخطأهم وأصابكم !! هل قد كُنتم: أرضيتُم الربّ، هل صليتُم الفجر، هل اباؤكم راضون عنكُم، هل أديتُم شُكر يومكم، هلّ أغمضتُم جفونكُم على أن تصحوا ومافي قلوبكِم مثقال ذرة من حقد أو كُرهه على أحدٍ! كُنت .. كُنتي .. وأنا.. مُعرضين لهذا الانفجار لولا رحمة الله وعفوه بأن كتب لنا الحياة إلى أيام .. شهور .. أوسنين قادمة (اللهُ أعلم). لذلك واجب علينا أن نشكُر الرحمن الرحيم وأن ننتبه من غفلتنا وأن نستيقظ من غيّنا وأن نقف وقفة صدق مع أنفسنا، فإن في قوارع الدهر عبراً، وفي حوادث الأيام مُزدجراً وهذه الدنيا إنما هي دار ممرّ والآخره خير وأبقى « فاتقوا الدنيا..»! عام كامل يمضي من أيام أعمارنا وذهب من سنين آجالنا كم فيه من أوقات أُهدرت وصلوات ضُيعت وواجبات تُركت ومعاصٍ أُرتكبت ونحنُ تُفرحنا الأيام إذا مضت وأنقضت لأننا مددنا الآجال، وسوفنا الأعمال، وبالغنا في الإهمال حتى صرنا كما قال الشاعر: إنا لنفرُح بالأيامِ نقطعها وكلُ يوم مضى يدني من الأجل.. إن عجلة الزمن تدور بسُرعة فائقه لا تتوقف عند غافل! ف كم ودعنا في العام الماضي من عزيز وقريب وكم فقدنا من صاحب وحبيب سبقونا إلى القبور وتركوا الدور والقصور. هذهِ هي الْحَيَاةُ الدُّنْيَا «مَتَاعُ الْغُرُورِ» هكذا الإنسان بينما هو يتمتع في هذه الحياة بصحته وينعم بعافيته إذا بالموت يهجم عليه هجوم الأسد على فريسته، فيضعف جسده، ويخفت صوته، وينهي قواه، ويطوي صحف أعماله وينقله من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة فهذه النهاية التي ليس بيننا وبينها إلا أن يبلغ الكتاب أجله. كونوا على حذر من الأيام وتسارُعها وأحداثها فإنها غرارة واحذروا زخارف الدُنيا وزينتها فإنها غدارة فكم من مؤمل أملاً أصبح في المقابر مدفوناً وكم من مُفرط أصبح بعدها مغبوناً فاغتنم حياتك قبل موتك وشبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك. أخوتي أخواتي.. ما نقلتُه اليوم لكُم هي لحظة وقفت بها مع نفسي كثيراً وكأن هذا الحدث سيكون نُقطة تحول في حياتي وهو حقاً كذلك من يومه، ولكن هذا لا يعني أيضاً ألا نستمتع بالحياة من دون « أفراط ولا تفريط «..! فعندما تمتلىءُ مُدرجات ملعبٍ ما، مُلبِّينَ دعوة رئيسٍ ما، لنصرة فريقٍ ما، حتى تُصبح الشوارعُ شِبهَ خاليةٍ لإنشغالهم بنصرة ذاك الفريق حُباً وولاءً وانتماءً ونُصرةً لأشخاصٍ يمارسون رياضةً ما..! وعندما يُنادي المُؤَذِّنُ نداء الله عز وجل ترى المساجد شبه خالية..! والشوارع مازالت زحاماً..! ألا نستحي من الله عز وجل، ونحنُ نؤمن بأنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له..؟! وقد جاء عن رسوله الكريم ﷺ: «استحيوا من الله حق الحياء ......» فلنوفّق يا أحبتي.. بين الأمور ولنجعل لرغباتنا وأهوائنا نصيباً على ألا يطغى ذلك على الطاعات والعبادات وحتى المُعاملات ليسود العدل والرضا والسلام. كونوا على أمل بأن الله غفورٌ رحيم وأصلحوا العمل واحذروا مغبة الأجل وليُكن عامنا الجديد عاماً مُشرقاً بصدق التوبة وحسن الإنابة فكلُّ بني آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (التائبُ من الذنب كمن لا ذنب له) ، ابدأوا الآن واعتبروا حدث « الانفجار» ك صفّارة أنذار بالاعتدال والنية الصالحة والتوبة النصوح سنُطفئ نار اللهو في الحياة بإذن الله «فرُبَّ ضارةٍ نافعة».