شكلت إصابة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في إطلاق نار من وحدة عسكرية عن طريق الخطأ في إحدى ضواحي العاصمة نواكشوط في الثالث عشر من أكتوبر الماضي، منعرجا في مسار العملية السياسية للبلاد، كما شكل أرضية لتجدد الصراع بين أنصار الرئيس وخصومه، الامر الذي قاد إلى الحديث عن حضور المؤسسة العسكرية في حكم البلاد، واحتمال إشرافها على فترة انتقالية للحكم، عن طريق انقلاب عسكري أو تغيير دستوري. فقد سارع معارضو الرئيس إلى التشكيك في الرواية الرسمية لحادث إطلاق النار على رئيس الجمهورية، ووصف رئيس منسقية المعارضة صالح ولد حننا الرواية التي رواها أحد الضابط على شاشة التلفزيون الرسمي واعترف فيها بأنه هو من أطلق النار على رئيس الجمهورية عن طريق الخطأ بأنها مسرحية هزلية، وقال ولد حننا إن كل المؤشرات توحي بأن حادث إطلاق النار على الرئيس كان من نيران غير صديقة وغير خاطئة، وأن الحكومة تتكتم عليها لأسباب لم تتضح بعد، كما تحدث رئيس منسقية المعارضة عن حصولهم على معلومات موثقة تفيد بأن ولد عبدالعزيز لن يتمكن من العودة إلى موريتانيا قبل شهرين، وأن رحلته العلاجية ستطول، فضلا عن كونه لن يكون قادرا على تسيير شؤون البلاد بعد عودته إلى الحكم، ودعت المعارضة كافة الأطياف السياسية للدخول في مشاورات موسعة للتحضير لمرحلة انتقالية تنظم فيها انتخابات رئاسية وبرلمانية، وقال زعيم المعارضة الديمقراطية أحمد ولد داداه إن موريتانيا تواجه حاليا فراغا دستوريا غير مقبول، وأن طبول الحرب تدق على حدودها في شمال مالي، حيث تسيطر القاعدة والجماعات المسلحة على ثلثي الأراضي المالية، وهو ما يتطلب وجود حكومة قوية والتفافا شعبيا حولها. كما اتهمت المعارضة الجيش بالتحكم في البلد، قائلة إن قائد الأركان الجنرال محمد ولد الغزواني وهو صديق شخصي للرئيس محمد ولد عبدالعزيز يتحكم حاليا في السلطة ويسير الدولة، وأن الحكومة ورئيس الوزراء لا يملكان أي صلاحيات. وطالبت المعارضة بوضع حد لتدخل الجيش في السلطة، وكشف حقيقة الوضعية الصحية لرئيس الجمهورية، عبر نشر الملف الطبي للرأي العام، وقال الوزير السابق محمد فال ولد بلال، إن موريتانيا حاليا تعيش أزمة حكم، وأن الخروج من عنق الزجاجة يتطلب أحد حلول ثلاثة هي: انتقال دستوري عن طريق تسليم السلطة لرئيس مجلس الشيوخ وتنظيم انتخابات في ظرف ثلاثة أشهر، وهو خيار يبقى بعيد المنال حسب قوله بسبب ما سماه أزمة المؤسسات في البلد، أما الخيار الثاني فهو أن تجتمع كافة الأطراف السياسية، وتتفق على مسار انتقالي ينتهي بتنظيم انتخابات رئيسية وبرلمانية، وإن لم يتحقق أي من الحلين السابقين، فإن الخيار الثالث والوحيد المتاح هو انقلاب عسكري ينفذه الجيش. (الحزب الحاكم: الرئيس عائد وسيواصل حكمه) أما الحزب الحاكم فقد اعتبر أن حالة رئيس الجمهورية عادية، وأن صحته تتحسن، وسيعود قريبا إلى البلاد، دون تحديد موعد لذلك، وقال النائب البرلماني والقيادي في الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم إن حديث المعارضة عن وجود فراغ دستوري وشغور منصب رئيس الجمهورية، هو مجرد أوهام وادعاءات لا أساس لها من الصحة، مضيفا أن ولد عبدالعزيز هو من يسير البلاد حاليا عبر اتصاله المباشر برئيس الوزراء مولاي ولد محمد الاغظف، مضيفا أن غياب الرئيس بداعي تلقي العلاج لا يعني شغور منصبه، واعتبر أن حديث قادة المعارضة عن سوء الحالة الصحية لرئيس الجمهورية وعجزه مستقبلا عن تسيير البلاد هي مجرد أماني يتمناها قادة المعارضة، وأن الرئيس عائد وسيواصل "مسيرة التنمية والإصلاح"، وأكد ولد محم أن شغور منصب رئيس الجمهورية يحدده الدستور، ولا ينص إلا على حالة العجز النهائي أو الوفاة، ولا يوجد نص دستوري يتحدث عن حالة العجز المؤقت التي ترفعها المعارضة حاليا، مضيفا أن الرئيس كسائر البشر يمرض ويصاب، لكن ذلك لا يعني عجزه عن أداء مهامه. أحمد ولد داداه