يعد "التوحد" إعاقة أو اضطراباً نمائياً عاماً يشتمل على مجموعة من ثلاثة أعراض رئيسية هي قصور في التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، وروتينية ومحدودية النشاطات والاهتمامات ناتج عن خلل في وظائف الدماغ، ويظهر كإعاقة تطورية أو نمائية عند الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره وتستمر معه معظم سنوات حياته، ويعد التوحد من الاضطرابات التي تم اكتشافها مبكرا مقارنة بالإعاقة الأخرى كصعوبات التعلم، وعلى الرغم من ذلك لم يتم اكتشاف أسباب قاطعة ومحددة للتوحد حتى وقتنا الحاضر، كما لا يوجد طريقة بذاتها تصلح للعلاج أو التخفيف من أعراضه، وتشير الدراسات إلى أن نسبة الأطفال المصابين بالتوحد في العالم هي بمعدل طفل مصاب في كل (166) طفلاً، ويصل عدد الأطفال المصابين بالتوحد في المملكة إلى 120 ألف طفل مصاب إلى عام 2005م فقط، وفقاً لما توصلت إليه الدراسة الوطنية الأولى لانتشار التوحد في منطقة الرياضوجدة والشرقية المُعدة من قبل الدكتور أحمد الجارالله - رحمه الله -، وبعد مرور سبع سنوات على هذه الدراسة لدي تساؤل: كم يا ترى وصل عدد المصابين بالتوحد في جميع مناطق المملكة حتى يومنا هذا ؟ بهذا التساؤل أود أن انوه إلى أنه لا يوجد أي دراسة حديثة حتى الآن تحدد إحصائية عدد المصابين والعوامل المتعلقة بالإصابة به ، وأشير إلى أننا نحتاج إلى دراسة شاملة لتحديد نسبة دقيقة يبنى عليها كمية الخدمات ونوعيتها لتقديم تدخل علاجي مجاني مناسب لهم، في ظل وجود مراكز أهلية ضئيلة استنزفت أموال أهالي المصابين مقابل تقديم شبه خدمات تليق وتفي باحتياجاتهم، بينما اضطر 4200 طفل توحدي للسفر إلى الأردن بحثنا عن العلاج والحصول على الخدمات، ويبقى عدد ليس بالقليل من أهالي الأطفال المصابين يطالبون بضرورة تكوين لجنة وطنية لاضطرابات طيف التوحد، يكون هدفها سن وتفعيل القرارات المتعلقة بالمصابين بالتوحد كتوفير التشخيص المبكر والخدمات لهم ولذويهم، مع دعم ومساندة الأبحاث العلمية الطبية المتعلقة باضطراب طيف التوحد، لما لها من أثر مباشر في إعطاء نتائج حقيقية عن المصابين في البيئة المحلية، وتقليل الاعتماد على النتائج العلمية المستوردة من الدول الأخرى، بالإضافة إلى المطالبة بتوفير برامج التدخل المبكر الملائمة لكل طفل توحدي، كأبسط حق من حقوقه، وتوفير مراكز لتشخيص الحالات على مستوى عالٍ من التأهيل وتشمل الخدمات جميع الحالات إلى جانب رفع الإعانة السنوية المخصصة من قبل "وزارة الشؤون الاجتماعية" للتوحديين بما يكفل لهم تقديم الخدمة والعيش الكريم، لتتناسب مع الواقع الحالي، وكذلك توفير أماكن ترفيهية، ونوادٍ رياضية مهيأة لهم، مع التركيز على الجانب التوعوي التثقيفي للأسرة في كيفية التعامل الصحيح مع حالة التوحد ومن الممكن الاستفادة من مراكز الرعاية الصحية في الفترة المسائية لتقديم خدمات تدريبية وتطويرية وتثقيفية للطفل وأسرته.