انطلقت أمس في بكين أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الحاكم الذي يتهيأ لتغيير قيادته. وقدم الرئيس المنتهية من الحزب ولايته هو جينتاو تقريره للأمانة العامة للحزب. مستعرضاً إنجازات حكومته خلال ولايته الثانية والاخيرة البالغة مدتها خمسة أعوام. وشهد المؤتمر حضور أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وأعضاء المكتب السياسي التسعة والثلاثين والمؤتمرين البالغ عددهم 2668 (كانوا 2670 وتوفي اثنان قبل انعقاد المؤتمر) وهؤلاء انتخبهم أعضاء الحزب الذين يفوق عددهم الثمانين مليون عضو. الإصلاح والانفتاح مقابل الانغلاق والتحجر الرئيس الصيني : نرغب في جعل الثقافة الصينية ركيزة للاقتصاد الوطني واستعرض الرئيس الصيني تاريخ الحزب الشيوعي فبدأ بالتحدث عن الجيل الأول الذي قاده الرئيس الأسبق ماو تسي تونغ الذي أنشأ النظام الأساسي للاشتراكية في البلاده وواجه "منعطفات خطرة أثناء استكشافه" للسياسة المناسبة للبلاد فيما قاسى حزبه من "كل أنواع المتاعب ودفع الأثمان" أثناء المرحلة التجريبية. أما الجيل الثاني فبدأ بالرئيس الأسبق دنغ شياو بينغ الذي أطلق سياسة الإصلاح والانفتاح. ثم جاء الجيل الثالث بقيادة جيانغ تسه مين الذي أسس نظام اقتصاد السوق الاشتراكي. وهكذا نجحت البلاد بعد تكدّس التجارب في وضع نفسها على الطريق الصحيح. وقال الأمين العام أن حزبه نجح بعد نضال شاق دام أكثر من ( 90 عاماً ) في تحويل الصين " الفقيرة والمتخلفة " إلى أمة تخطو نحو الرخاء بثبات وذلك بفضل سياسة الإصلاح والانفتاح التي قفزت بإجمالي الناتج المحلي في العام الماضي إلى أكثر 47 تريليون يوان صيني ( أكثر 28 تريليون ريال سعودي) مما ساعد على إنشاء نظام التأمين الطبي لأفراد الشعب ونظام التأمين ضد الشيخوخة بالإضافة إلى تعميم نظام الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام الضمان الإسكاني. وأكّد على أن هجر "الطريق القديم المتسم بالانغلاق والتحجر الفكري" كان هو جوهر التجربة التي يناهز عمرها المئة عام مذكّراً بأن الإصرار على الانفتاح الخارجي هو سياسة أساسية للدولة. الرئيس الصيني يتأهب لإلقاء خطابه في اجتماع الحزب الشيوعي وأعلن الرئيس الصيني هو جنتاو أن بلاده ستستمر في الإصلاح السياسي لكنه أوضح انها لن تقلد النظام السياسي الغربي. واقترح جينتاو أن ينشئ البر الرئيسي الصيني وتايوان آلية الثقة المتبادلة والخاصة بالأمن العسكري بين جانبي المضيق والتوصل إلى اتفاقية سلام من خلال التشاور. الشعب بصفته سيداً للدولة شدد جينتاو في التقرير الذي تلاه على أهمية "إبراز دور الشعب بصفته سيداً للدولة" وضمان أن يكون كذلك فعلياً. وأشار إلى أهمية توفير البيئة التي تساعد أفراد الشعب على العمل بفرح وابتهاج وتهيئة المناخ الذي يبجّل العمل ويعظّم الإبداع. ودعا إلى اتخاذ سبيل وسط بين الاغترار بالنفس والاستهانة بها وتطرق إلى أهمية تحسين أشكال الديموقراطية وفسح المجال لأفراد الشعب كي يُظهروا مبادرتهم مؤكداً أن على الجميع " التجرؤ على ممارسة التغيير والإبداع واستيعاب متطلبات العصر"، قائلاً: إن نظام مجلس النواب هو الضمان لسيادة الشعب على دولته وذلك بمنحه صلاحيات التشريع والمراقبة واتخاذ قرارات التعيين والتنحية، مؤكداً أهمية رفع نسبة نواب الشعب من العمال والفلاحين والمثقفين وخفض نسبة القياديين في الهيئات والمؤسسات الحكومية داخل المجلس مع ضرورة إنشاء هيئة اتصال تربط بين الجماهير والنواب لافتاً إلى أن الهدف الأساس للجميع هو بناء مجتمع رغيد على كافة المستويات بحلول عام 2020 . شي جين بينغ (غرافيك نيوز) "دع مئة زهرة تتفتح" ونبّه جينتاو إلى أن التنمية "هي الأولوية القصوى" في الصين، وأن التنمية العلمية هي ركيزتها. وطالب بسرعة إعادة هيكلة الصناعات التقليدية والارتقاء بمستواها مع إنشاء نظامٍ لإعادة تدوير الموارد وإقامة نظامٍ خاص للسوق الثقافي الذي وصفه ب"القوة الناعمة" وأكد أهمية جعله ركيزةً للاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أهمية تقديم المنتج الثقافي بأشكالٍ مختلفة ومن كافة الأنواع كما شدد على أهمية تجميع سكان المدن الصغيرة المتفرقين في مناطق مشتركة ليسهل تقديم الخدمات العامة وتوفير الوظائف لهم. وفي الشأن الديني تطرق إلى أهمية إبراز الدور الإيجابي لرجال الدين والجماهير المؤمنة بمختلف الديانات، لما في ذلك من أثر في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.ونادى باتباع شعار "دع مئة زهرة تتفتح ودع مئة مدرسة تتبارى" وذلك في سبيل تعزيز دور الثقافة والتنافس الشريف في الإنجاز متمنّياً النجاح في تحويل الضغوط إلى قوة دافعة، وتحويل التحديات إلى فرص، ضارباً المثال بنجاح بلاده في تنظيم الأولمبياد وقدرتها على هزيمة وباء سارس المفاجئ ونجاحها في إعادة الإعمار عقب كارثة زلزال. نقد للذات وانتقاد للفاسدين وقد أكد جينتاو الذي يشغل منصب الامين العام للحزب ويتهيأ لتركه خلال الايام المقبلة أن أعمال الحكومة لم تخلُ من التقصير والمشكلات. فهناك مشكلة عدم التوازن في عملية التنمية بين الأقاليم وفقر القدرة الإبداعية ذات الطابع التقني وضعف الأسس التي تقوم عليها الزراعة واتساع دائرة الفروقات في الدخل بين السكان وافتقاد الأخلاق والمعايير المهنية في بعض المجالات. كما حمل الرئيس على بعض القياديين الذين وصفهم ب"السطحية والبيروقراطية والميل للبذخ والتبذير"، مشدداً على أن أحداً لا يحق له التمتع بامتيازات تجعله يتجاوز القانون، كما لا يُسمَح إطلاقاً بإحلال الأوامر محل القوانين قائلاً "لا رحمة مع الفاسدين" ، مشدداً على أهمية تثقيف القياديين وتقييد صلاحيات أقاربهم والعاملين معهم وعدم السماح لهم بالحصول على أي امتيازات، مهاجماً ظاهرة المحسوبية في المجتمع.