يواصل الاقتصاد السعودي نموه القوي بفضل متانة القطاع النفطي والتحفيز الحكومي الضخم، ليحقق الناتج المحلي الإجمالي نموا بواقع 5.7% بالأسعار الثابتة في العام 2012. وتشير البيانات الأولية إلى أن القطاع غير النفطي قد حقق نمواً بواقع 7.5% في العام 2011، وإذا ما تحققت هذه النسبة فعليا، فإن هذا الأداء سيكون بين الأفضل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال فترة ما بعد الأزمة المالية. وعلى الرغم من أن النمو قد يتباطأ قليلا في العام 2012 مع تلاشي آثار إجراءات التحفيز الاستثنائية التي اتخذت في العام 2011، فإن مختلف مقاييس نشاط القطاع الخاص تشير إلى أن الاقتصاد السعودي يتمتع بزخم كبير، إلا أن استمرار النمو بوتيرة قوية سيكون صعبا من دون إصلاحات هيكلية إضافية. وقال بنك الكويت الوطني أن إنتاج النفط الخام السعودي بلغ 9.9 ملايين برميل يومياً في شهر مايو، وهو الأعلى في الفترة الأخيرة، مرتفعا بواقع 7% عن متوسطه في العام الماضي، وفي حال لم يحدث انخفاض حاد في أسعار النفط. فمن المرجح أن تحافظ السعودية على مستويات الإنتاج المرتفعة، حيث تسعى لسد النقص في المخزون العالمي ودعم الاقتصاد العالمي، وسط توقعات بأن يسجل الناتج المحلي الإجمالي النفطي نموا قويا أيضا بواقع 5% هذا العام، وأن يستقر في العام 2013. وفي المقابل، رفع التقرير توقعاته للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 5% إلى 6% في ضوء الزخم الواضح الذي يتمتع به الاقتصاد المحلي، وتشير بيانات أجهزة السحب الآلي ونقاط البيع إلى استمرار ازدهار القطاع الاستهلاكي بعد الزيادة التي شهدتها مستويات الدخل في العام 2011، وتحسن ظروف الائتمان المصرفي. وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة السعودية قد نفذت حتى الآن نصف برنامجها الاستثماري الضخم الذي تبلغ قيمته 386 مليار دولار، والذي يشمل الفترة 2010 - 2014. كما بلغت نسبة الاستثمار الثابت غير النفطي 31% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في العام 2011، وهو ما يفوق بشكل ملحوظ المتوسط التاريخي، ومن المتوقع أن تصمد هذه العوامل الداخلية في وجه الاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. وتوقع التقرير أن يستقر معدل التضخم قريبا من 5% هذا العام والعام المقبل، إلا أنه سيختلف بين قطاع وآخر، ومن المتوقع أن يستقر معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية أو حتى أن ينخفض، بينما يتوقع أن يبدأ برنامج الحكومة لبناء المساكن في تخفيف الضغوط التضخمية في سوق الإيجارات. ومن الممكن أن يرتفع التضخم في القطاعات الحيوية الأخرى، مثل الملابس والأثاث والنقل، وعلى الرغم من احتمالات ارتفاع التضخم الناجمة عن الأداء القوي للاقتصاد، رأى التقرير أن الجهات الرسمية في السعودية تضع في الأولوية سياسات تحفيز النمو، بدلا من سياسات مكافحة التضخم خلال العامين المقبلين.