يمكن تعريف المرض النفسي بأنه مجموعة من الأعراض والشكوى المتكررة التي تظهر عند شخص ما يعيش في مجتمع معين. وتكون هذه الأعراض والشكوى ذات صلة قوية بالسلوك والتفكير والمزاج العام عند ذلك الشخص. وتؤثر هذه الأعراض في الأداء الفردي والاجتماعي لذلك المريض. وينتج المرض النفسي عن تفاعل عوامل اجتماعية وبيولوجية وسيكولوجية. وهناك أنواع متعددة من الأمراض النفسية نذكر منها الاكتئاب، والقلق، والصرع، والفصام (شيزوفرينيا) وغير ذلك من أمراض نفسية. وفي تقرير نشر منذ عدة سنوات عن الأمراض النفسية فإن هناك أكثر من (400 مليون) شخص في العالم يعانون من الاضطرابات النفسية - العقلية، كما يعاني حوالي عشر سكان العالم من الاكتئاب أو القلق، ومع ذلك فلا يتلقى الرعاية الصحية سوى 35% ممن يعانون الاكتئاب، حتى في الدول المتقدمة. تظهر أعراض الاكتئاب على حوالى 5% من الأطفال والأحداث (9 - 17 سنة) في الولاياتالمتحدة. ويتسبب الاكتئاب والفصام في حوالي 60% من حالات الانتحار في العالم. وتعد ضغوط العمل في المهن ذات المسؤوليات الكبيرة من الضغوط التي تسبب بعض الأمراض النفسية. وفي المملكة العربية السعودية لا توجد إحصائيات دقيقة للأمراض النفسية السائدة، لكن هذه الأمراض بدأت تطفو على السطح نتيجة لتغير المجتمع السعودي وتطوره بشكل سريع. ولعل من أهم هذه الأمراض تفشي حالات الاكتئاب والقلق على المستقبل نتيجة للبطالة وغيرها. وقد أثبتت بعض الدراسات والأبحاث وجود ارتباط بين البطالة والأمراض النفسية، حيث ان العاطل عن العمل يشعر بهبوط معنوياته، وعدم القدرة على السيطرة على مشاعره، مما يؤدي أحياناً إلى الأمراض النفسية. وتؤدي البطالة الطويلة إلى تدمير نفسية المريض، وربما تجعل فرص شفائه قليلة. كما أن انقطاع مصدر الدخل للعاطلين عن العمل والمعاناة النفسية التي يعيشون فيها ربما تدفعهم إلى السقوط في مستنقع الجرائم. وقد أوضحت دراسة قام بها مجلس القوى العاملة بالاشتراك مع وزارة الداخلية منذ عدة سنوات، إلى أن حوالي 84% من مرتكبي الجرائم العاطلين عن العمل يعتبرون أن البطالة هي السبب الرئيس في ارتكابهم لهذه الجرائم. ولعل أهم وسيلة للوقاية من الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية تكمن في تعزيز الثقة بالله عز وجل، ووجود حد أدنى من الشعور بالسيطرة على سلبيات الحياة، وملء أوقات الفراغ بما يفيد الإنسان، ومعالجة الأمراض النفسية عند الأطباء والاخصائيين النفسيين بدون تأخير، ومزاولة التمارين الرياضية بانتظام، وتفعيل العلاقات الأسرية وصلة الرحم التي يأمرنا بها ديننا الحنيف.