نحن نعيش في عصر الاقتصاد، والاقتصاد عصب الحياة وروحها، وأمة بلا اقتصاد مصيرها إلى التلاشي، ومن أهم المؤشرات التي يتعمد عليها أهل الاقتصاد وتعبر عن نجاح المنشأة أو القطاع ارتفاع الإنتاجية، وبنظرة سريعة وخاطفة إلى وضع المراكز الصحية في الآونة الأخيرة مع تغير الدوام نجد أمراً محزناً، إذ يبلغ عدد الأطباء العاملين بالمراكز الصحية بوزارة الصحة 4592 طبيباً وذلك عام 1422ه، وكادر التمريض قرابة 10,000 ممرض، والفئات الطبية المساعدة قرابة 6000، كل هذا العدد من الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين انخفضت انتاجيته إلى درجة هائلة وخصوصاً خلال فترة الظهيرة (1 - 5)، والسبب ليس تقاعساً منهم معاذ الله ولكن لقلة المراجعين، لأن هذه الفترة فترة راحة وهي الفترة الثانية من فترات الراحة الثلاث المذكورة في كتاب ربنا {... وحين تضعون ثيابكم من الظهرة...} وفترة أيضاً قيلولة (قل فإن الشياطين لا تقيل) وقبل ذلك كله فترة الغداء. الحاصل رواتب تدفع، وأجهزة لم تستغل الاستغلال التام، ومبان تدفع إيجاراتها، ومكيفات تعمل وقت الذروة، وموظفون يتسللون من مكاتبهم لأجل طلب العلاج لهم أو لأحد أفراد أسرهم، والنتيجة إنتاجية منخفضة للجميع للطبيب وللموظف وللآلة، والسبب قرار. وكم من العناء والتعب سيلحق ذلك المواطن الذي من أجله أقامت الدولة رعاها الله المرافق الصحية، وأخص بالذكر ذلك الموظف المجد المحافظ على وقت عمله. يا سادة يا كرام تخيلوا معي ذلك الموظف الذي يخرج إلى بيته بعد انتهاء الدوام ولا يصل إليه إلا قرابة الثالثة بسبب الزحام، وزوجته موظفة ولا تصل هي الأخرى إلا متأخرة لأن مقر العمل في مكان قصي عن المنزل، ثم يأتون إلى البيت فإذا أحد الأبناء يئن من وجع فيه أو لديه موعد تطعيم، هل سيذهبون به أم لا؟ في ظني لا، لماذا؟ شمس محرقة، وشوارع مزدحمة، وصلاة على الأبواب، وغداء جاهز، وأجسام منهكة، ومركز ربما بعيد، إذاً يتناولون طعام الغداء، ويصلون العصر في جماعة، ويستريحون من عناء العمل والمواصلات، واللي عقد روس الحبال يحلها والله المستعان، وبعد ذلك كله يذهبون إلى المستوصف القريب منهم، ورب خلق ما ضيع، سبحانه. يا وزارة الصحة هذه وجهة نظر وأطروحة ناقد اقتصادي، وهي حديث المجالس، نأمل أن تتلقوها بصدر رحب وأن تلقى منكم كل تجاوب، وأنتم أهل لذلك وما علمنا عنكم إلا كل خير، ونأمل منكم المزيد والمزيد، وإعادة دوام المراكز الصحية إلى ما كان عليه سابقاً، لأن أكثر من 80٪ من المراجعين يراجعون تلك المراكز في حين أقل من 20٪ يراجعون العيادات الخارجية.