لعل القارئ الكريم يتذكر الضجة الكبرى التي أحدثها كتاب (امرأتنا في الشريعة والمجتمع) الذي صدر في تونس عام 1930م لفضيلة الشيخ الطاهر الحداد 1899 – 1935م أحد علماء جامع الزيتونة بتونس أحد معاقل التعليم الديني التقليدي في العالم الإسلامي، لكن الكتاب ساير التطوير الزمني والحضاري وخلق روح الانتقاد ودعا إلى ضرورة الإصلاح، ذلك أنه قد قسم الكتاب إلى قسمين: تشريعي وآخر اجتماعي، مؤكداً أن الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة لم تعد تتمتع بالعديد منها وتمارسها بالصورة التي وضعها لها الإسلام وخاصة في بعض الدول العربية، إلى جانب أن الإسلام حينما شرَّع هذه الحقوق أراد بها أن يمهد بها إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة..هذا ما كان يطرحه المؤلف في ثنايا كتابه. لكن الكتاب لم يمر بهدوء عند العديد من اقطاب الاتجاهات الدينية والفكرية، فقد جرت إثر صدوره العديد من الردود جاءت في قالب مقالات وبحوث، بل أن هناك من أفرد لهذا الكتاب، كتاب كامل للرد عليه مثل كتاب (الحداد على امرأة الحداد) للشيخ محمد الصالح بن مراد وكذلك كتاب (سيف الحق على من لا يرى الحق) للشيخ والشاعر عمر بن إبراهيم بري المدني. واليوم يصدر هذا الكتاب (امرأتنا في الشريعة والمجتمع) عن وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر والذي جاء ضمن سلسلة كتاب مجلة الدوحة بتقديم وتحرير الدكتورة منى أبوزيد أستاذة الفلسفة الإسلامية بآداب جامعة حلوان في مصر، حيث تقول في تقديمها للكتاب: ويعتبر الحداد من هؤلاء الزيتونيين الثائرين على هذا التعليم الذي لا يتيح فهماً حقيقياً للإسلام ولا الفهم الجلي لذي من شأنه التغيير من فاسد العادات، وليس من شأنه مسايرة تطور الحياة وكان كثيراً ما يعبر عن هذا بقوله.. ليس منا أحد يرضى ببقاء قديمه على ما هو عليه، وكان جامعة الزيتونة – حينذاك – معقلاً من معاقل الوطنيين ورجال النهضة وفي أوساط طلبته نشأت بذور الدعوة للتغيير. في حين يتساءل الحداد في معرض تقديمه لكتابه قائلاً: إن الإصلاح الاجتماعي ضروري لنا في عامة وجوه الحياة، وعلى الخصوص ما كان منه متعلقاًً بوجودنا في الحياة، وقد رأيت بعين اليقين أن الإسلام برئ من تهمة تعطيل الإصلاح بل هو دينه القويم ومنبعه الذي لا ينضب، وما كان انهيار صرحنا إلا من أوهام اعتقدناها وعادات مهلكة وفظيعة حكَّمناها في رقابنا، وهذا ما حدا بي أن أضع كتابي هذا عن المرأة في الشريعة والمجتمع لنرى أيهما الهادي؟ وأيهما الضال المضل؟ وقد حمل الكتاب في قسمة التشريعي جملة من أحكام المرأة كالميراث وحرية اختيار الزوج وتعدد الزوجات والطلاق وأهلية التصرف وحقوقها المدنية وغيره من الأمور الشرعية المتعلقة بالمرأة، أما القسم الاجتماعي فقد انطوى على كيفية تثقيف الفتاة لتكون زوجاً فأماً وعادات وعوائق في طريق الزواج والزواج بلا استعداد، ومن مشاهد البؤس الاجتماعي، وفي الزواج من الاجنبيات، والحجاب، والسفور، والتعليم الرسمي للمسلمات، وتعليم المرأة، وتربية المرأة وغيرها من المباحث التي تهم المرأة والمجتمع.