هو الشيخ علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السناني من قبيلة سبيع العامر، وهو عامر بن صعصعة من هوازن العدنانية. ولد في عنيزة عام 1266ه في شهر جمادى الآخرة، ونشأ نشأة حسنة في بيت علم وشرف ودين، توفي والده وله من العمر ثلاث سنوات، فرباه أخوه عبدالعزيز أحسن تربية، وقرأ القرآن على الشيخ عبدالعزيز الدافع حتى حفظه، وشرع بطلب العلم بهمة عالية ونشاط ومثابرة، فقرأ على علماء عنيزة وقضاتها، ومن أبرز مشائخه الشيخ علي المحمد الراشد، والشيخ علي السالم الجليدان والشيخ عبدالعزيز المانع، كما قرأ على محمد بن عبدالله بن سليم حينما كان مقيماً بعنيزة أول القرن الرابع عشر ورحل أيضاً إليه في بريدة. ونبغ في فنون عديدة منها الفقه والحديث والتفسير وكان ذكياً نبيهاً وله ذاكرة قوية واكب على كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم وأفنى أول عمره في الكتابة والتهميش عليها فخط مدارج السالكين، وزاد المعاد، وأعلام الموقعين، والصواعق المرسلة، والاختيارات الفقهية، وشرح الزاد، ومنتهى الارادات للفتوحي، وتبصرة ابن الجوزي، وتاريخ بن غنام وغيرها كل هذا بقلمه النير، وقد وضع كل هذه الكتب في خزانات في منزله، وفي عام 1222ه هطلت أمطار غزيرة وغرقت عنيرة وسقطت بيوت كثيرة، ومنها منزله فتلفت بعض هذه المخطوطات مع مخطوطات أثرية معها، قد آلت إليه من آبائه وقضاة عنيزة، وبقي منها جانب لكنه منكمش من الماء بعضها في خط يده فقال رحمه الله: «والله إن تلف هذه الكتب النفيسة معادل عندي ما تلف من الأموال وغيرها»، كان رحمه الله آية في التواضع وحسن الخلق وفي الزهد والورع واسع الإطلاع في أصول الدين والحديث والتفسير والسير والسلوك وإمام في التعبير من بلدان كثيرة ليعبر لهم ويكتب وإذا خرج من بيته وجدهم يتنظرون خروجه من رجال ونساء. رشح للقضاء مراراً فامتنع تورعاً منه وكان له يد عند الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومتى حضر الملك عبدالعزيز وفد إليه وبينهما مراسلات كثيرة، وكان مربوع القامة أبيض اللون، مشرباً بحمرة، قليل الشعر، طلق الوجه حليماً، يصدع بقلمه الحق لا يخاف بالله لومة لائم، يناصح الملوك والولاة ولكلمته نفوذ وله مكانة مرموقة. ومن أبرز تلامذته الشيخ صالح القاضي، والشيخ علي أبووادي والشيخ سليمان السحيمي، والشيخ عبدالرحمن السعدي، وغيرهم رحمهم الله جميعاً، وكان عمدة في التوثيقات وعقود الأنكحة واصلاح ذات البين، أفنى عمره في ذلك وفي الإحسان إلى الخلق يساعد الضعيف، ويعين ذا الحاجة مما جعل الخلق يلهجون بالثناء عليه كلما ذكروه، وقد انصبغت محبته في قلوبهم وأكثر الوثائق في عقارات عنيزة إنما هي بقلمه لاعتماد القضاة عليه. توفي رحمه الله في 21 شوال 1339ه فحزن الناس لفقده.