أظهرت نتائج بحثية عن تحقيق البرنامج الوطني لترشيد مياه الري وفق نظام "داكوم" نجاحات أولية مبشرة ، وتشجع على تعميم التجربة . وأوضح ل "الرياض" المهندس عبدالعزيز بن محمد البابطين العضو المنتدب لشركة نادك أن نتائج المشروع للسنة الأولى كشفت عن وفر في استهلاك المياه يتراوح بين 25 إلى 50% وذلك لعدد 19 موقعا تم تركيبها في 8 مناطق مختلفة بالمملكة. وهذا ناتج من زيادة الفترة بين الريات وتقليل زمن الري مع عدم تأثر النمو الخضري للمحاصيل كما ساهم ذلك في تقليل الطاقة المستهلكة وتكاليف التشغيل والصيانة. وتعد المحافظة على الثروة المائية، والحرص على ترشيد استخدامها في ري المزروعات من أبرز سياسات وزارة الزراعة بالمملكة، وضمن هذه السياسة سعت الوزارة إلى تطبيق المشروع الوطني الخاص بترشيد مياه الري في الزراعة باستخدام نظام (داكوم) في إدارة مياه الري، وهو نظام مصمم بواسطة شركة داكوم الهولندية الرائدة في مجال إدارة مياه الري وبعض المجالات الزراعية الأخرى، ويهدف البرنامج إلى الإدارة الأمثل لعملية الري عن طريق تنظيم مواعيد وزمن وكمية الري بما يفي احتياجات النباتات ، حيث تشكل المياه الجوفية غير المتجددة المصدر الرئيسي للمياه في المملكة، وتمثل نسبة 80% من إمدادات المياه فيها، فيما تمثل المياه الجوفية المتجددة 14%، وتشكل المياه المحلاة، ومياه الصرف الصحي المعالج 6%، ويمثل الاستهلاك الزراعي 80 إلى 85 %من إجمالي المياه المستهلكة في المملكة . فريق البرنامج الوطني لترشيد المياه ووفق ذلك تم الاتفاق على تنفيذ المشروع بين وزارة الزراعة ممثلة بمعالي الوزير الدكتور فهد بن عبد الرحمن بالغنيم والشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" ومثلها المهندس عبد العزيز البابطين، بحضور مدير الإدارة العامة لشئون الري المهندس عبد الكريم بن محمد الغامدي، ومن الجانب الهولندي السيد جان هادرذ ، وكانت تلك نقطة الانطلاق الحقيقية نحو تطبيق هذا النظام الحديث . أسس علمية ترشد المياه وقال المشرفون على البرنامج إن المشروع الوطني لترشيد مياه الري يأتي ضمن جهود وزارة الزراعة للحفاظ على هذا المورد وإمكانية الاستفادة منه، وقامت باتخاذ العديد من القرارات والإجراءات والبرامج التي تعمل على ترشيد استخدام المياه بالقطاع الزراعي، باعتبار مشكلة الموارد المائية تمثل أحد أهم وأكبر التحديات للتنمية الزراعية في المملكة، وذلك بسبب محدودية المصادر المائية وزيادة الطلب على المياه ولكافة الأغراض. جهود بحثية للحد من هدر المياه والمعروف أنه بالنظر اليه فانه يتكون النظام الذي يطلق عليه «جدولة الري - داكوم » من محطة للأرصاد المناخية توضع في الحقول لتحديد وتقدير الاحتياجات المائية الآنية، ومحطة لقياس الرطوبة الأرضية تتم من خلالها إضافة مياه الري إلى المحاصيل الزراعية حسب الحاجة في اليوم نفسه، ويعمل النظام على إرسال البيانات إلى جهاز الاستقبال المثبت في المزرعة أو في مكتب المشرف كل 15 دقيقة، حيث يتنبأ من خلال النظام بكل ما يتعلق بالمحاصيل الزراعية خلال مراحل نموها. وقالت شركة نادك إن المشروع يهدف إلى المساهمة في الحد من استنزاف المياه، والترشيد في استخداماتها الزراعية، ونشر المعرفة، وتوظيف تقنيات الري الحديثة التي ستسهم في إدارة مياه الري تصميماً وجدولة وتشغيلاً وصيانةً وتتاح الفرصة أمام المزارعين للاطلاع عليها ونقلها وتطبيقها في مزارعهم وذلك بهدف ترشيد استخدامات المياه لديهم . وطبقا لذلك، فانه يتم تنفيذ أهداف المشروع من خلال تطبيق الإدارة الرشيدة لمياه الري والمحافظة عليها وتقليص استنزاف المياه الجوفية ،وتحسين كفاءة استخدام مياه الري، وتشجيع المزارعين على استخدام نظم الري الحديثة، وزراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المائي المنخفض، ومن المنافع التي تعود على المزارع باستخدام هذا النظام، زيادة الإنتاج الزراعي والمحافظة على الجودة، وتوفير استهلاك الطاقة وتخفيف تكاليف الإنتاج والمحافظة على مياه الري. والجدير بالذكر أنه قد وحددت الخطة الزمنية للمشروع بأربع سنوات يتم فيها تركيب وتشغيل عشرين جهازا كل سنة ،وثمانين حقلا إرشاديا، وتم تنفيذ حقلين إرشاديين أحدهما بتبوك، والآخر بمحافظة تيماء ومن مميزات هذا المشروع أنه يخدم المنطقة المحيطة بمسافة 20 كيلومترا مربعا من حيث مراقبة رطوبة التربة وأرصاد جوية وقياس المطر وقياس سرعة اتجاه الرياح وقياس الرطوبة ودرجة الحرارة وتكلفة الجهاز 95 ألف ريال . وذكرت الدراسة أنه لاختيار الحقول التي يتم تركيب وتشغيل الأجهزة بها، تقوم الإدارة العامة لشئون الري بالوزارة بالتنسيق مع الإدارات العامة لشئون الزراعة بالمناطق المختلفة لترشيح مواقع لتركيب وتشغيل الأجهزة بها، وذلك بناء على المعايير والمواصفات التي تم تحديدها، وهي أن يكون الحقل مطبقا لنظم الري الحديثة، من حيث التصميم والتركيب والتشغيل، وأن يكون الحقل مجاورا لأكبر عدد من المزارعين، وأن يكون على طريق يسهل الوصول إليه، ويكون مغطى بشبكة الهاتف النقال، وان تكون تغطية ال GPRS جيدة، وعلى هذا الأساس يتم ترشيح المواقع من قبل الإدارات العامة لشئون الزراعة والفروع التابعة لها، وبناء على هذا الترشيح يتم اختيار المواقع وتوزيع الأجهزة. وبالتمعن الى تلك الجهود، وخلال السنة الأولى والثانية تم توريد 40 جهازا تم تركيب وتشغيل 39 جهازا منها حتى وتم توزيعها وتركيبها وتشغيلها على كافة مناطق المملكة، وهي: الرياض – القصيم – المنطقة الشرقية – حائل – تبوك – المدينةالمنورة – مكةالمكرمة – الجوف – نجران – الباحة – عسير – جازان – الحدود الشمالية . وهنا يتم التأكيد بأنه تم التركيز في كافة المناطق على استهداف المحاصيل ذات الميزة النسبية للمنطقة. أما بالنسبة للنتائج الأولية خلال السنة الأولى والثانية فإن الإدارة العامة لشئون الري تقوم بمراقبة ومتابعة المشروع ميدانيا وعن بعد وذلك من خلال تحليل البيانات التي تصل إلى الإدارة من خلال البرنامج التشغيلي للأجهزة المختلفة حيث يقوم الخبير بالإدارة ونظرائه بمتابعة الري في (المواقع) الحقول الإرشادية عن بعد ،من خلال البيانات الخاصة بمستوى الرطوبة المتوفرة وحاجة النبات للري من عدمه ،وعلى ضوئه تتم جدولة مياه الري، وإبلاغ المزارع بالتوقف عن الري، أو الحاجة إلى الري عن طريق الاتصال المباشر، ولقد حقق عدد كبير من المزارعين تقدما كبيرا في إدارة مياه الري لديهم، وكانت الاستجابة للتعليمات سريعة وملموسة حيث تم تغيير إستراتيجية الري في هذه المزارع.