سؤال محير يدعو الى الدهشة عندما ترى مساهمة القطاع الخاص في السوق العقاري، كيف نعيش التناقضات في كثير من المجالات الاستثمارية رغم أن بلادنا تمتلك جميع مقومات الدولة العصرية ولديها من الامكانات ما تفتقده دول كثيرة متقدمة ويبقى الفارق في التخطيط والتنظيم والإنتاج والانضباط في كل شيء وبعيدا عن الفساد. ماليزيا وسنغافورة دولتان انتفضتا وبدأتا من الصفر وقريبا منا إمارة دبي وتركيا تسير في نفس الطريق رغم أنهم لا يمتلكون موارد طبيعية وأنظر الى أين وصلوا. واقع نشاهده في أحوال كثيرين من تجارنا ومستثمرينا ورجال أعمالنا وشركاتنا فإنهم لا يخلون من التلون بسرعة عجيبة خارج حدود الوطن والتأقلم مع طبيعة ونظام البلد بما فيها الاستثمار في المجالات المختلفة. من الجانب الآخر يأتي المستثمر الأجنبي الى بلادنا ويتحول الى مستثمر نهم يريد أن يكسب بأسرع الطرق وبأقل مجهود ويتخلى عن جميع الصفات التي كان يتحلى بها في وطنه الأم والدليل مشاريع الاسكان التي اعلنتها هذه الشركات قبل سنوات ولم ينفذ منها شيء بما فيها مشاريع المدن الاقتصادية التي لاتزال تراوح مكانها منذ سنوات!. استثمار القطاع الخاص يكاد يكون في كل دولة وبنظرة الى دول الجوار نجد أنه المساهم الأكبر والفاعل في مجال الاستثمار العقاري والصناعي والزراعي والتجاري والسياحي وفي وطنهم لا مكان للمشاريع الحيوية ومنها ما يحتاجه السوق بشدة وأعني المشاريع السكنية. هناك من يقول إن السبب هو البيروقراطية لدى الجهات الحكومية التي تقتل أي طموح وليس لديها امكانات للتعامل مع المشاريع الكبرى والريادية وهذا فيه جزء من الصحة لكنه ليس كل شيء وهناك من يرى ان السبب عدم تفاعل البنوك وشركات التمويل وعدم دعمها المطورين وتقصيرها في هذا الجانب وهذا ايضا سبب وآخرون يقولون عدم توفر الاراضي والاحتكار حد من الاستثمار في هذا المجال. بعض رجال اعمال وملاك شركات عقارية تجدهم في المناسبات والمعارض يعطون الوصفات ويحللون أوضاع السوق وينتقدون الجهات الحكومية وشركات التمويل بتعطيل المشاريع وهم أنفسهم لم يقدموا شيئا سوى تجارة اراضي او مزادات وهم بعيدون عن التطوير والاستثمار في المشاريع المحلية ومعظم استثماراتهم في دبي ولبنان ومصر ولندن. ينقصنا المستثمر الجريء والجاد ممن يستطيع أن يعلق الجرس وأكاد أجزم بأنه سيجد الدعم والمساندة من الدولة لو عمل بشكل صحيح وأصبح جادا وليس كما يحدث منذ سنوات حيث تؤسس الشركات وتبدأ برؤية ثم تتحول الى تجارة أراضي. صندوق التنمية العقاري ووزارة الاسكان لديهما القدرة على تفعيل دور القطاع الخاص ودعمه وتقديم التسهيلات له مع الجهات الحكومية الأخرى التي تمكنه من تأدية دوره والاستثمار الجاد في مشاريع الاسكان.