احتدم الخلاف بين مشاركين في ندوة نظمتها وزارة الإرشاد والأوقاف السودانية بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان حول مخاطر زواج الطفلة، وبينما أقر مختصون ورجال دين مسلمون ومسيحيون رفض زواج القاصرات أيده المسؤول الأول بهيئة علماء السودان، وأثار تأييد الهيئة لزواج الصغيرات جدلا كبيرا في وسائل الإعلام السودانية. وعرفت هيئة علماء السودان بفتاوى دائما ما أثارات حنق المعارضين والناشطين الذين يتهمونها بتدبيج فتاوى تمثل مصلحة السلطة. ودعا الأمين العام لهيئة علماء السودان، البروفيسور محمد عثمان صالح، إلى عدم منع زواج القاصرات باعتباره يحقق منافع كثيرة، وقال إن "الإسلام لا يمنع زواج الصغيرة وإنه مباح". وأكد صالح أن الإسلام يحث الشباب على الزواج لصونه من الانحراف وأي مخاطر تنجم من العزوبية وتحقيقاً للسعادة وحفظاً للنسل". وأوضح أن الإسلام يعتبر الطفولة دون بلوغ الحلم، والمسؤولية تأتي ببلوغ سن الرجولة للصبيان والأنوثة للمرأة، مؤكداً أن زواج الصغيرات به كثير من المخاطر وفيه منافع أيضاً. لكن رئيس حزب الوسط الإسلامي، يوسف الكودة قال إن هناك أضراراً كثيرة تلحق بالطفلة نتيجة الزواج المبكّر تتمثل في عدم قدرتها على الحياة الزوجية والإنجاب وتركها للدراسة. وأوضح أن هناك إشارات واضحة في الدين الإسلامي لا تجوّز زواج الصغيرة، بيد أنه عاد وأكد أن هناك دوافع ومبررات اجتماعية ودينية وثقافية تدعو إلى زواج الصغيرات في المجتمعات العربية. من جانبه قال ممثل مجلس الكنائس السوداني، الأب أنطونيوس فاكيوس، إن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يحدد سن الزواج ب 18 سنة، وأن يكون الرجل أكبر من المرأة بسنتين. وأكد وزير الدولة بالرعاية والضمان الاجتماعي، إبراهيم آدم إبراهيم، اهتمام وزارته بالطفلة لتمكينها من أخذ حقها كاملاً، مبيناً أن الطفولة تحتاج إلى رعاية خاصة. وقال إن وزارته ستركز جهدها في محاربة العادات الضارة، داعياً إلى أن تمارس المرأة حقها في العيش في حياة كريمة. في ذات السياق قالت ممثلة صندوق الأممالمتحدة للسكان، السيدة أميلة إن الصندوق يعتقد أن الاحتفال بيوم الطفلة العالمي فرصة للفت انتباه العالم لقضايا الفتيات الصغيرات وإيجاد حلول لقضاياهن. ونادت بتضافر الجهود والتنسيق مع الشركاء الآخرين لمنع زواج القاصرات، موضحة أن الظاهرة تنتشر في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء. وأكدت أن زواج الطفلة يؤدي إلى عواقب وخيمة ربما تسفر عن وفاة الطفلة باعتبار أن الطفلات لم يكتمل نموهن الجسدي والنفسي للزواج والحمل والأمومة. وأبانت أن 95% من حالات الحمل وسط المراهقات بين أعمار 5-19 تحدث داخل الزواج. واعتبرت أن زواج الطفلة فيه انتهاك لحقوق الإنسان فهو يحرمهن من طفولتهن ويقطع تعليمهن وفيه خطر على حياتهن ويحرمهن من الاستفادة من الفرص لخلق واقع حياة أفضل. واستعرضت د. رؤى الخالدي من جامعة الأحفاد ورقة حول الصحة الإنجابية وزواج الطفلة، أكدت فيها خطورة زواج الطفلة صحياً وتعرضها لأمراض قد يؤدي بعضها إلى الوفاة. وأفادت أن 38% من النساء في السودان تزوجن في سن مبكرة حسب مسح 2010 في وقت لم يكتمل فيه نمو الفتاة الجسدي والنفسي والاجتماعي لمواجهة الحياة الزوجية. وقدّمت رئيسة إدارة مكافحة العنف ضد المرأة، د. عطيات مصطفى، نظرة قانونية حول زواج الطفلة، وأكدت عطيات أن الشريعة الإسلامية تمنع العنف وتحفظ حقوق الإنسان، كما أن قانون الأحوال الشخصية توجد به مادة تتحدّث عن زواج الطفلة، وأن المادة 41 خاصة بسن التكليف والتمييز. ودعت إلى مراجعة قانون الأحوال الشخصية السوداني وتوعية المجتمعات بخطورة زواج الطفلات ونادت بضرورة التنسيق بين الجهات المختصة لخلق رأي واحد وخطاب موحّد في هذا الخصوص.