تبلغ مساحة إيران ما يقارب مليوناً وستمائة وخمسين كيلو متراً مربعاً، وتضم عدة أقاليم هي فارس، وجنوب أذربيجان وجزء من كردستان، وعربستان، وبلوشستان، وجنوب تركمانستان، وكويستان، ويعتبر اقليم فارس أكبرها وأكثرها كثافة سكانية. وتقسم إيران من ناحية إدارية إلى ثلاثين محافظة. هذا ويبلغ عدد السكان حوالي (76) مليون نسمة الغالبية العظمى من المسلمين. ويشكل الشيعة (60٪) والسنة 22٪ من مجمل عدد السكان يلي ذلك ديانات أخرى مثل البهائية واليهودية والمسيحية والزردشتية وغيرها. أما عدد اللغات في إيران فيبلغ حوالي (110) لغات تأتي في مقدمتها الفارسية اللغة الرسمية للبلاد على الرغم من أن عدد الفرس لا يشكل إلا حوالي (51٪) من عدد السكان تليها اللغة الاذارية (تركية) والكردية والعربية تستعملها أقليات تبلغ نسبها (20٪) تركية و(6٪) كردية و(8٪) عربية وأخرى. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن اقليم عربستان (خوزاستان كما يسميه الإيرانيون) يعتبر المصدر الرئيسي للميزانية الإيرانية حيث خصوبة التربة ووفرة المياه (نهر كارون) واحتياطيات البترول والغاز، ولا أدل على ذلك من أن الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قال «إيران تحيا بخوزاستان». إن تشابك المصالح في سورية ينذر بحرب طويلة ومتشعبة ربما تمتد إلي العراق ولبنان ودخول دول أخرى كأطراف في النزاع مثل تركيا ومن خلفها حلف النيتو وغيرها من الدول. والخوف كل الخوف مما يتم الاتفاق عليه تحت الطاولة بين الدول الكبرى والجدير بالذكر أن إيران وبالتعاون مع بريطانيا قد استولت على خوزاستان أو عربستان عام (1925م) حيث أسقطتا الحكم العربي الكعبي هناك. أي أن بريطانيا منحت اقليم عربستان للإيرانيين مثل ما منحت فلسطين للإسرائيليين! نعم إن الأقليات الكثيرة في إبران تنتمي إلى أغلبية في الدول المجاورة ومثال ذلك أن الأذربيجانيين يتطلعون إلى الانضمام إلى جمهورية أذربيجان أو الاستقلال، وكذلك الحال مع الأكراد الذين يخوضون حالياً كفاحاً مسلحاً ضد الهيمنة الإيرانية، ونفس التطلع يداعب أفكار العرب والتركمان والبلوش وغيرهم ما يدل على أن إيران يمكن أن تصبح ميداناً للصراع إذا تمكن قادة تلك الأقليات من الحصول على الدعم المادي واللوجستي. وبسبب سياسة إيران التوسعية وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى فإن الدول الأخرى يمكن لها تقديم الدعم المادي والمعنوي لمن ينشد الخلاص من الحكم الفارسي أو يعارضه. إن الشعب الإيراني بجميع طوائفه وتركيباته شعب مسالم يرغب في أن يعيش في رخاء وسلام وذلك يمكن أن يتم لو كفت حكومة طهران من صرف مدخرات الشعب الإيراني على مغامراتها وتدخلاتها في شؤون الآخرين كما هو حاصل في سورية والعراق ودول الخليج ولبنان واليمن وغيرها من الدول. وقد عبر الشعب الإيراني عن رفضه لسياسة التدخل في شؤون الآخرين من خلال المظاهرات الأخيرة التي رفعت فيها شعارات اتركوا الخليج للخليجيين، واتركوا العراق للعراقيين، واتركوا سورية للسوريين. نحن جياع فأطعمونا.. إن السياسات الإيرانية المبنية على التسلح النووي والتدخل في شؤون الآخرين ولّدت سياسات مضادة يأتي في مقدمتها الحصار والمقاطعة الاقتصادية والتي بدأت بوادر تأثيرها تظهر من خلال انهيار الريال الإيراني بما يفوق (50٪) من قيمته وهذا دليل على تزعزع الاقتصاد الإيراني. ويا ليت حكام طهران يستقرئون التاريخ والواقع. ففي التاريخ عِبر وفي الواقع أمثلة قائمة فحصار العراق أدى إلى خلخلة البنية التحتية له فلم يستطع الصمود أمام الغزو. وكوريا الشمالية تستجدي الطعام على الرغم من امتلاكها سلاحاً نووياً. إن السلاح لا يشبع الجياع. ولا يرويهم وبالتالي فإن استمرار المقاطعة وتوسيع نطاقها كفيل بإحداث ثورة شعبية لا تبقي ولا تذر. والآن يرافق المقاطعة نصب الفخ في سورية وقد تجرّعه الإيرانيون وبدأوا التدخل المادي والمعنوي فهم يدعمون حكومة البعث في دمشق بالمال والرجال والسلاح، كما أمروا ربيبهم حزب الله في جنوب لبنان بالتدخل. وقد أشار إلى ذلك صراحة رئيس الأركان العامة الإيراني حيث قال إن المعركة في سورية معركتنا، ولا يمكننا التخلي عن حلفائنا. إن الاستخدام السلمي للطاقة النووية حق شرعي ومتاح ولا جدال فيه لكن البرنامج النووي الإيراني أكبر بكثير من أن يكون الهدف منه إنتاج الطاقة للأغراض السلمية وبالتالي فإن هذا البرنامج يقلق الدول المجاورة لإيران مثل دول الخليج خصوصاً أن إيران نصبت واحداً من أكبر مفاعلاتها النووية في مدينة خرمشهر (المحمرة) والتي ليست ببعيدة عن الكويت والبحرين والسعودية والعراق. وهي تصر على ذلك البرنامج وتدعمه بترسانة عسكرية تمول من قوت الشعب الإيراني وذلك بحثاً عن دور تلعبه إيران في المنطقة أو سعياً لانشاء امبراطورية فارسية تحيي من خلالها جهود قورش وأزاد فيروز الملقب بالمكعبر وذو الأكتاف اللذين قادا حملات إبادة وحشية ضد العرب أبادا من خلالها أعداداً كبيرة من العرب.. إذاً فإن هذا الهدف يلتقي مع الرغبة الإسرائيلية في إبادة العرب وتشتيتهم، وهذا يعني تلاقي مصالح واستراتيجيات، والأيام كفيلة بإظهار ما خفي: ستبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّدي وعلى أية حال فإن المسرح السوري أو الفخ السوري قد نصب وسوف يصطاد أعدادا كبيرة من المتخاصمين وسوف يستمر السيناريو من خلال تبادل الأدوار حيث إن هناك قوى تدعم طاغية الشام وفي مقدمتهم إيران، وهناك قوى تدعم الشعب السوري وسوف تعمل القوى المستفيدة من استمرار الصراع على إطالة أمده. إن الفخ السوري سوف يكون مكلفاً لإيران خصوصاً أن حكومة طهران مكابرة ولا تستطيع التسليم بخسارة سورية لأن تلك الخسارة سوف تقلم أظفار طهران في لبنان أيضاً لأن خسارة سورية سوف تعزل حزب الله كما أن ذلك سوف يعيد الحسابات في العراق وبالتالي تصحيح التوازنات هناك، وكل ذلك يعيد إيران إلى داخل حدودها الطبيعية. إن مغامرات التوسع قد كانت وبالاً عظيماً على كل من قام بها وخير شاهد على ذلك في العصر الحديث ألمانيا النازية واليابان وغيرهما ممن حصد الويل والثبور نتيجة انتهاج سياسة العناد ومصادمة الأكثرية وهذا مصداق للمثل العربي الذي يقول: «الكثرة تغلب الشجاعة»، وهذا المثل أيضاً ينطبق على الوضع في سورية حيث رن أكثرية الشعب السوري قد ثارت بوجه الظلم والطغيان وواجهت قوة وجبروت الجيش السوري بعدته وعتاده وهي تحقق الانتصار رغم ذلك. نعم إيران اليوم تستنزف من خلال المقاطعة من جهة، ومن خلال التدخل في الشأن السوري وبناء ترسانة عسكرية من جهة ثانية ومن خلال تدخلها في العراق واليمن ودول الخليج من جهة ثالثة ومن خلال إهمال التنمية من جهة رابعة وهذا كله كفيل بسقوط الخيار الإيراني وإفلاسه وبالتالي سقوط وإفلاس كل من يراهن عليه. وعلى العموم لو أن إيران أقلعت عن التدخل في شؤون الآخرين وركزت على التنمية من خلال الاستثمار والتعاون والانفتاح والحوار واستفادت من ثرواتها الطائلة التي تبعثر اليوم على كل من هب ودب تحقيقاً لتطلعات لن يسمح النظام العالمي بتحقيقها لاستطاعت إيران أن تنهض من عثرتها وبالتالي التمكن من بناء دولة عصرية عمادها العلم والمعرفة تنعم بالرفاهية والتقدم بما في ذلك جيش قوي واستخدام سلمي للطاقة النووية. فالكل يذكر أيام حكم الرئيس الإيراني محمد خاتمي حيث تعززت العلاقات الإيرانية - الخليجية وأصبحت أسواق دول الخليج مفتوحة أمام البضائع الإيرانية. إن صبر الشعب الإيراني بدأ ينفد، والداعمون له تواقون للحظة انفجاره حيث سوف يتم دعمه بكل الوسائل المادية والمعنوية. وما يدريك فلعل المنظمات الكثيرة المناوئة لحكومة طهران والنائمة في الوقت الحالي تصحو وتتحرك قولاً وفعلاً بعد أن بلغ السيل الزبى في إيران. وبعد أن أصبح «ما دون الحلق إلا اليدين» كما يقول المثل الشعبي. نعم إيران تبحث عن المشاكل وتعقّد الأمور وهذا الفعل يؤدي إلى ردود فعل مضادة وربما بقوة أكبر وما سباق التسلح في المنطقة إلا جزء لا يتجزأ منه. إن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز وضرب المنشآت في الخليج في ظاهره يبدو وكأنه ضد المصالح الأمريكية ولكن في باطنه هو لمصلحة الشركات الاحتكارية الأمريكية والأوروبية حيث إن مثل تلك الشركات هي من سوف يقوم بعملية إعادة الإعمار وبالتالي فإن اقتصاد الدول الغربية سوف ينتعش بسبب العقود الباهظة التكاليف التي سوف تفوز بها مقابل إعادة الإعمار في كل من الخليج وإيران وغيرهما من المناطق المتضررة. إذاً على الإيرانيين إعادة التفكير في استراتيجياتهم بما يضمن سلامة المنطقة وتفويت الفرصة على إسرائيل التي تسعى إلى إشعال حرب ضروس. ولعل أسهل الاستراتيجيات التي يمكن أن يقوم بها الجانب الإيراني أن يتم انتخاب رئيس إيراني معتدل يحفظ ماء الوجه لتوجه المرشد الأعلى السيد على خامنئي نحو الاعتدال والتركيز على الشأن الإيراني. إن تشابك المصالح في سورية ينذر بحرب طويلة ومتشعبة ربما تمتد إلي العراق ولبنان ودخول دول أخرى كأطراف في النزاع مثل تركيا ومن خلفها حلف النيتو وغيرها من الدول. والخوف كل الخوف مما يتم الاتفاق عليه تحت الطاولة بين الدول الكبرى التي ربما تسعى إلى إعادة تقسيم المنطقة على طريقة معاهدة سايكس - بيكو بما في ذلك إيران وسورية والعراق وغيرها من الدول. وقد سبق أن نشرت مجلة الجيش الأمريكي خريطة بهذا المعنى إبان حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت). والله المستعان.