العمل المميز لا يتوقف والإستراتيجية الثابتة "تضعف" الأداء في بعض الأحيان خصوصا إذا كنا نعيش عالما يتغير "في اللحظة" وليس اليوم أو الساعة!! والمتابعون للاستراتيجيات الوطنية والخطط التنفيذية لها يلحظون ضعفا في نتائج تلك الاستراتيجيات أو الخطط مما يثير حفيظة المخلصين الحريصين على الوطن ومواطنيه وربما يعتقدون أن المشرع الاستراتيجي والمخطط الوطني والمنفذ ليس على درجة من الكفاءة والمهنية. إلا أنني أخالفهم الرأي فالبناء الإستراتيجي لكثير من قضايا الوطن - إن لم يكن جميعها – يسير وفق منهجية منضبطة أساسها مصلحة الوطن والمواطن والبعد الحذر جدا عن كل ما يعكر صفو استقراره ونمائه لكن الإشكالية الأساس تقع " أحيانا" في عملية التنفيذ بعد الفراغ من البناء الإستراتيجي ذلك أن الظروف المحيطة تتغير ومحددات البناء الإستراتيجي تتبدل مما يحتم ضرورة التعديل والتغيير عاجلا!!. ولأن البناء تم وفق أسس وقواعد منهجية فإن التعديل والتغيير السريع المتجاوب مع الظروف المحيطة المتغيرة قد لا يكون سهلا على صانعي القرار الإستراتيجي الأمر الذي يجعل من نتائج ذلك البناء الإستراتيجي وتلك الخطط المدروسة ضعيف الإيجابية أو قليل التأثير!! وبمراجعة بسيطة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق كأحد أبرز الأمثلة التي ترتكز شاهداً على أهمية تغيير البناء الإستراتيجي الوطني وفق الظروف المستجدة يتأكد طرحي السابق في أننا فعلا بحاجة لمراجعة مستفيضة بين وقت وآخر لإستراتيجياتنا الوطنية فمثلا كانت فكرة صوامع الغلال تتركز حول استقبال القمح من المزارعين وتنفيذ العمليات التشغيلية عليه كالطحن والتعبئة ومن ثم التخزين الإستراتيجي والتوزيع ومن أجل تسهيل تحقيق ذلك ومن خلال منظور اقتصادي وطني أنشأت الصوامع مصانعها في مناطق قريبة من المزارعين عندما كانت المملكة تشجع المزارعين على زراعة القمح والاستثمار فيها ومع تبدل استراتيجيات المملكة في هذا الخصوص وحث وربما "إجبار" المزارعين على التوقف عن زراعة القمح حفاظا على الثروة المائية "كما يرى المخططون للوطن" فإن زراعة القمح انحسرت وتلاشت وقد تنتهي وفي الوقت نفسه اعتمدت صوامع الغلال ومطاحن الدقيق إستراتيجية جديدة تتمثل في الاستيراد من خلال الموانئ البحرية للملكة لكن الصوامع بقيت في مقارها!! وهو أمر مثير للدهشة والاستغراب. ولعل ما يزيد الدهشة أيضا أن الصوامع – حسب علمي وأتمنى أن لا يكون ذلك صحيحاً- قد عملت على تشييد مصنع جديد في منطقة مكةالمكرمة يبعد كثيراً عن ميناء الملك عبدالعزيز!! وهو أمر قد لا يكون في محله!!. أعتقد أن المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق كان عليها أن تتعرف على إستراتيجية وخطة الوطن الزراعية من خلال وزارة الزراعة ووزارة التخطيط والعمل على بناء إستراتيجياتها وخططها بما يتماشى ويخدم تلك الإستراتيجية ذلك أن الهدف وطني شامل. أظن أن علينا مراجعة خططنا الوطنية وإستراتجياتنا بشكل دوري والعمل العاجل على التغيير والتبديل بما يتناسب ويتفاعل مع الظروف المحيطة والمستجدات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية أيضا حتى لا نعيش في واد والعالم الآخر في واد غير ما نحن فيه وأن تكون مراجعاتنا جماعية بدلاً من كونها فردية ترتبط بكل قطاع على حده فالهم لدينا هو هم عام يمثل في خدمة وطن وليس قطاع .. ودمتم.