فيما تشن الولاياتالمتحدة الحرب باسم الديمقراطية يوجه منتقدون اتهامات إلى الحكومة الامريكية بتقويض حرية الصحافة في الداخل في حين يواجه صحافيون احتمال دخول السجن بسبب مبادىء يقولون انها في صميم الدستور. وتصارع وسائل الاعلام لاستعادة ثقة الرأي العام إثر سلسلة من الفضائح احاطت بتغطية الاخبار فيما يتعرض الصحافيون لضغوط حتى لا يسمحوا بان تطغى المبادىء على الاعتبارات الامنية في الوقت الذي اعلنت فيه الولاياتالمتحدة «الحرب على الارهاب». والاسبوع الماضي قالت مجلة تايم انها ستسلم مذكرات صحافي للمحكمة رغم استعداد الاخير لدخول السجن وفاء بوعده بحماية مصدر معلوماته. واحتجز الصحافيان ماثيو كوبر من مجلة تايم وجوديث ميلر من صحيفة نيويورك تايمز بتهمة اهانة المحكمة لرفضهما ذكر اسم المصدر الذي تحدثا اليه عن فاليري بالم ضابطة وكالة المخابرات المركزية التي كشف كاتب عامود محافظ اسمها في عام 2003. وادان الاتحاد الدولي للصحافيين التي يضم 500 الف عضو في اكثر من مئة دولة خطوة مجلة تايم ووصفها بانها «انتهاك خطير» للمبادىء. وكتبت سياتل تايمز في مقالها الافتتاحي «انه موسم التربص بالصحافيين وبالتالي المعلومات التي لا تريد الحكومة ان يعرفها الناس.» وقالت لوسي دالغليش رئيسة لجنة الصحافيين من اجل حرية الصحافة ان القضاء اصبح اكثر عدوانية في طلب المعلومات من الصحافيين منذ هجمات 11 سبتمبر/ ايلول. وقالت «رأينا في الاشهر الاخيرة عددا من طلبات المثول امام المحاكم الاتحادية اكبر منه في السنوات الخمس والثلاثين الماضية. كما نرى الحكومة الاتحادية تحتفظ بعدد اكبر من الاسرار منذ هجمات 11 سبتمبر/ ايلول.» ويعني ذلك ان يعتمد الصحافيون بصورة أكبر على المصادر السرية رغم ان اللجوء اليها ادى في بعض الاحيان إلى فقد وسائل الاعلام ثقة الرأي العام عقب فضائح بشأن اخبار زائفة وانتحال شخصيات. ويقول رودني سمولا عميد كلية القانون بجامعة ريتشموند ان تباين وجهات النظر بين الرأي العام ووسائل الاعلام في الولاياتالمتحدة آخذ في الاتساع. وقال سمولا «معظم الناس يجدون صعوبة في فهم لماذا يتقدم حق الصحافي في حماية مصدره على الامن الوطني.» واثيرت الازمة الاخيرة بعد ان ايدت المحكمة الاخيرة حكما باحتجاز كوبر وميلر بتهمة اهانة المحكمة لرفضهما الكشف عن المصدر الذي تحدثا اليه بشأن قضية بالم وربما يتفادى كوبر دخول السجن غير ان ميلر قد تسجن رغم انها لم تكتب ابدا عن المحادثات موضوع القضية. وفي الاسبوع الماضي ايدت محكمة الاستئناف الاتحادية امكانية احتجاز اربعة صحافيين بتهمة اهانة المحكمة لرفضهم الكشف عن مصادرهم في قضية عالم نووي كان مشتبها به في قضية تجسس. وفي ديسمبر/ كانون الاول حكم على الصحافي بالاقامة الجبرية لمدة ستة اشهر لرفضه ذكر اسم مصدره. وتباين رد فعل وسائل الاعلام تجاه قرار تايم وايد البعض حجتها بان الصحافيين ليسوا فوق القانون غير ان قلة فقط توافق على سجن ميلر وكوبر. وقال المعلق المحافظ راش ليمباه انه «تجاوز للحدود». وقال يوم الخميس في مناقشة للقضية على الهواء «انه امر خطير ان نصل في السياسة الى حد ان تنتابنا الرغبة بان نلقي باعدائنا في السجن.» وقالت لجنة حماية الصحافيين ان هذه الحالات تضرب امثلة سيئة للصحافة في الدول القمعية. وتابعت اللجنة «اشار الرئيس جورج بوش لضرورة تمتع الصحافة في روسيا والشرق الاوسط بمزيد من الحرية غير ان رسالة المدعين والمحاكم في الولاياتالمتحدة تسمع بوضوح اكبر في الارجاء القمعية في العالم.» وقال بوب جيلز رئيس مؤسسة نيمان الصحافية في جامعة هارفارد ان من الصعب رؤية «بصمة اصبع بوش» في قضية كوبر وميلر إذ شملهما تحقيق مدع خاص في تسريب مزعوم لهوية بالم من جانب ادارة بوش. ويقول زوج بالم الدبلوماسي جوزيف ويلسون ان تسريب اسم زوجته محاولة لتقويض مصداقيته بعد ان شكك علنا في مزاعم بوش بشأن محاولات العراق شراء اسلحة بشكل غير قانوني. وقال بوش ان حق الصحافي في حماية مصادره «معضلة صعبة». واضاف «اؤمن بالتعديل الاول. ولكن على الجانب الاخر هناك بعض المعلومات يمكن ان تضر بقدرتنا على جمع معلومات واعتقد ان هذه هي المشكلة الحقيقية حتى الآن من منظوري.»