مواقع التواصل الاجتماعي تكشف المستور. هي انعكاس لنا ولواقعنا الاجتماعي. بين الحرية والمسؤولية مسافة هائلة. من السهولة أن يقذف الإنسان شخصاً أو أن يشتمه أو أن يتناوله باللمز أو التصريح. ومع كل الجهود المبذولة للرقي بمعنى التواصل الاجتماعي من خلال الندوات والمؤتمرات غير أن الوضع بقي على ما هو عليه. لم يتغير الكثير من الكلام. نعاني ممن يدخل أيضاً بأسماء مستعارة ليقتص من الآخرين، أو لينتقم لنفسه. وحين تحاول أن تجد فعلاً الإجراء الحاسم لمثل هذه الاعتداءات لا تجد، بل إن إجراءات أخذك لحقك طويلة ومعقدة وشاقة. قبل أيام صرح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية السعودي، الأستاذ عبدالرحمن الهزاع، أن عقوبة التشهير والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر" تصل وفق القانون المعمول به في السعودية إلى غرامة بمبلغ 500 ألف ريال! هذه العقوبة أو الغرامة لم تفعّل كما يجب. القذف بتويتر أو الفيسبوك أو في التعليقات على اليوتيوب كلها جرائم حقيقية والتهاون بها أو التغافل عنها أمر خطير فعلاً. كذلك هناك الصحف الإليكترونية المنفلتة، والغريب أن الهزاع نفسه يقول: "أصدرت الوزارة أكثر من 250 ترخيصا للصحف الإلكترونية، وهي تعمل على دراسة الصحف الإلكترونية التي تحمل اسم مناطق، الوزارة لم تسجل حالة سحب لتراخيص الصحف الإلكترونية منذ البدء بهذه التراخيص، فقط أوقفت بعض الصحف لفترات معينة، وذلك لتجاوزاتها للأنظمة والتعليمات المنصوص عليها في لائحة النشر الإلكتروني"! المشكلة في القذف والتشهير أو الاتهام والتخوين أنها ألفاظ منتشرة ولو أن كل من شتمك أخذت منه غرامة نصف مليون ريال لأصبحت الثروات مليونية. المهم أن تساهم الوزارات المعنيّة بتطوير الوعي الاجتماعي بهذه المواقع التفاعلية. الوعي أهم من العقوبة. صحيح أن العقوبات مشروعة ومؤثرة وهي جزء من التنظيم الحضاري والمدني، لكن ما هو أكثر مدنية أن يكون الوعي قوياً بكل تفاصيل الاحترام للمخالف فكرياً. من يحترم الآخرين، لا يحترمهم فقط بل يحترم نفسه قبل احترامه غيره، فمن السهل أن تكون بذيئاً شتاماً، لكن ما هو أصعب وأكثر مشقة أن يكون الإنسان بسلوكه الذاتي عظيماً ويستقيم بسلوكه وأخلاقه وألفاظه. والشتائم النتّية أصبحت كثيرة وأتمنى أن تكون العقوبة فاتحة للتوعية بالمواقع التفاعلية والمسؤولية تجاهها.