اتخذ الناقد الدكتور محمد الصفراني طريقة مختلفة فيما يقدمه من كتابات نقدية جادة حيث خرج على ما يدور من قضايا في الدراسات النقدية السائدة في الساحة النقدية، فقد تعلق بالتشكيل البصري والتجويد في الشعر العربي الحديث وهي خطوة واثقة في تأسيس هذا المذهب سار به الصفراني ونحا به نحو ما يدرسه من شعر حديث، واليوم يكمل فكرته عما كتبه من قبل في كتابه السابق "التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث" ليطرح مجدداً تعميق هذه الفكرة من خلال كتابه الجديد "تجويد الشعر العربي الحديث" الصادر مؤخراً عن نادي المدينةالمنورة الأدبي بالاشتراك مع الدار العربية للعلوم ناشرون. والكتاب في جملته بحث في المحاقلة بين تجويد القرآن الكريم والنقد الأدبي وقد طبقه على كوكبة من الشعراء السعوديين ومنهم: الزميل الشاعر سعد الحميدين، وعلي بافقيه ومحمد الثبيتي وعبدالله الوشمي وعيد الحجيلي ومحمد جبر الحربي ومحمد الحمد وعبدالله الخشرمي وهدى الدغفق وعلي الدميني وأحمد قران الزهراني وإبراهيم زولي وإبراهيم صعابي ويوسف العارف وأبي الفرج عسيلان ولطيفة قاري وبديعة كشغري وعبدالرحمن موكلي وأشجان هندي وأحمد الواصل وإبراهيم الوافي. يقول المؤلف في مطلع كتابه: آثرت أن أكسر كتاباً في المحاقلة بين علم تجويد القرآن الكريم والنقد الأدبي تلبية لإلحاح الفكرة على استيفاء حقها واحتراماً لتسلسل أجزائها، ومن يقرأ الكتابين السابق والراهن قراءة أمنية فاحصة يلمس مقتضيات التسلسل المنهجي لأجزاء الفكرة العامة بوضوح. أما مقدمة المؤلف فقد جعلها قاعدة توضيحية لمنهجه الذي يقوم عليها هذا الكتاب، وتستمد دراسة موضوع تجويد الشعر أهميتها إلى جانب الإجابة عن أسئلتها المركزية من استثمار مصطلحات علم تجويد القرآن الكريم في إنتاج الدلالة الشعرية للتشكيل البصري ومن تحليل التشكيل البصري تحليلاً نقدياً مبيناً على أسس علمية صوتية تنطلق من علم تجويد القرآن الكريم، ومن تسليط الضوء على أهمية علم التجويد في إبراز جماليات التشكيل البصري في الشعر ومن تحديد وظائف سمات الأداء الشفهي الحركية المشكلة بصرياًَ على الورق.. وإخراج مصطلحات علم تجويد القرآن الكريم من نطاق انحصارها في تلاوة وفهم النص القرآني، إلى فضاء أوسع هو الشعر العربي حتى تصبح شائعة متداولة شيوع وتداول مصطلحات البلاغة مثل المشبه والمشبه به والطباق والجناس وغيرها من المفاهيم. كما انطوى الكتاب على بابين حمل أولهما فصولاً عن تجويد الشعر، وتشكيل المد، وتشكيل التفخيم، وتشكيل الوقف، وتشكيل السكت.. بينما تناول الباب الآخر سمات الأداء الشفهي الحركية من خلال فصول جاءت عن السمات الحركية في مستوى الوصف، وتشكيل التوكيد، وتشكيل الكميل، وتشكيل التنظيم.. حيث توصل د. الصفراني إلى جملة نتائج هامة تدعم رؤيته النقدية.