وقف كثير من المؤرخين أمام بعض الألغاز التاريخية التي اختلفت حولها المراجع والمنقولات، ولعل من أهمها ادعاء بعض الزعامات التاريخية الانتساب للأسر الحاكمة، أو ادعاء بعض الأطراف المتصارعة قتل خصومها والاحتفاظ برفاتهم وجماجمهم، والأمثلة في مثل هذه الحكايات أكثر من أن تحصى، ولأن هذه الروايات سجلت ودونت بأقلام المؤرخين، فإن الصراع حول بعضها ما زال قائماً، ولكننا نتساءل هنا عن تلك الروايات التي أقفل النقاش حولها بفضل الله ثم بنتائج الكشف عن الجينات الوراثية والحمض النووي التي لجأت لها بعض الدول والجمعيات والمنظمات الحقوقية، حيث كشفت للعالم وللبشرية عن عدم صدقية كثير من الروايات التي حيّرت المؤرخين سنين وقرونا طويلة. الأحفاد يعتذرون وكان للبصمة الوراثية ملحمة أخرى في روسيا الاتحادية، حيث استطاع مجموعة من الباحثين استفادوا من كتابات من سبقهم من المؤرخين ممن نذروا أبحاثهم لمعرفة مصير أسرة "نيقولا الثاني" آخر قياصرة روسيا من عائلة "رومانوف" القيصرية، التي حكمت روسيا أكثر من ثلاثة قرون، حيث قُضي على القيصر "نيقولا الثاني" وعائلته الصغيرة من قبل الثوار "البلاشفة"، في ظروف ظلت بالغة الغموض طيلة ثمانين عاماً تمكن بعدها هؤلاء الباحثون من الوصول لرفات العائلة القيصرية، بعد أن أجريت لهم تحاليل الحمض النووي ليقوم الرئيس الروسي آنذاك "بوريس يلتسين" باستقبال رفات الأسرة القيصرية، في احتفال مهيب في السابع عشر من يوليو عام 1998م في مدينة سانت بطرسبرغ، ويشير في خطابه الشهير الذي ألقاه في هذه المناسبة أنهم حينما يفعلون ذلك إنما يكفرون عن الأخطاء السابقة التي ما يزال التاريخ يحفظها. سكرة موت الرايخ وأخيراً نقلت بعض وسائل الإعلام العالمية أن الفريق الأمريكي الذي أجرى تحليلات الحمض النووي للجمجمة المعروضة في أحد المتاحف الروسية في موسكو، والذي حمل اسم "سكرة موت الرايخ الثالث..الثأر"، أن الجمجمة "نسائية" ربما تراوح عمرها بين 20 و40 عاماً، وقد صدّق البعض نسبة هذه الجمجمة إلى الزعيم النازي لكونها مثقوبة من الأعلى، مصداقاً للرواية المتفق عليها من أن الزعيم النازي مات منتحراً، بعد أن أطلق رصاصة واحدة على رأسه غير أن البعض وبحكم أن الجمجمة نسائية، أيدوا نسبتها إلى عشيقة هتلر "إيفا براون" التي تزوجها قبل إقدامه على الانتحار بساعات قليلة، غير أن هذه الرواية لم تصمد كثيراً أمام ما اتفق عليه المؤرخون، لا سيما وقد أيدتهم بيانات وتقارير مخابرات الحلفاء القائلة بأن "إيفا براون" انتحرت مع "هتلر" بعد أن تجرعت السم وتلاها انتحار الزعيم النازي بدقائق وبنفس الغرفة.