أملا في سهرة ممتعة مع الابهار والابداع المتميز ذهب النقاد لعرض خاص للفيلم الأمريكي «حرب العوالم» للمخرج العالمي «ستيفن سبيلبرج» بطولة النجم الوسيم «توم كروز» وعلى الرغم من الامكانيات التكنولوجية المستخدمة في الفيلم والخدع الفنية إلا أن خيبة أمل أصابت الحضور لعنف البناء الدرامي وعدم منطقية الأحداث التي تصل إلى حد الأفلام الهندية ونهاية باهتة لا تليق بمستوى المخرج والنجم لتتحول السهرة إلى حالة من الاستياء والندم! معروف ان الفيلم يعرض في الولاياتالمتحدة ومصر كثير من بلدان العالم في وقت واحد وأحداثه تدور في إطار الخيال العلمي حيث تتعرض الكرة الأرضية لهجوم من جانب قوة مدمرة مجهولة. غير أن لسبيلبرج رأي آخر ويقول إن مصدر القلق الذي استوحى منه (حرب العوالم) الذي يعتمد على الخيال العلمي هو هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001. ويقول سبيلبرج إن الفيلم «يتعلق بكل تأكيد بفرار الامريكيين للنجاة بأرواحهم وتعرضهم لهجوم بلا مبرر وبغير أن تكون لديهم ادنى فكرة عن سبب الهجوم او منفذيه.» ويلعب توم كروز دور البطولة في الفيلم الذي اخرجه سبيلبرج عن رواية اتش.جي. ولز الكلاسيكية التي نشرت عام 1898 عن غزو كائنات من كوكب المريخ الارض. وكانت الرواية مصدر الهام لمعالجات اخرى شهيرة على مر الاعوام. ورحلة الهروب هذه المرة لا تتعلق مثلما حدث في فيلمه (اي.تي.) او (لقاءات قريبة مع النوع الثالث) بكائنات غريبة طيبة من العالم الخارجي. فالكائنات الفضائية هذه المرة لا تسعى لاي خير. واثار اورسون ويلز حالة من الفزع في الشوارع بمعالجته الاذاعية لرواية (حرب العوالم) في عام 1938 إذ حملت نبأ غزو من المريخ بدا كأنه خبر حقيقي في فترة ساد فيها البلاد القلق بشأن تهديد الفاشية والمانيا النازية. والمعالجة الاخرى الشهيرة في فيلم انتج في عام 1953 استندت إلى مخاوف امريكية ابان الحرب الباردة من انتشار الشيوعية خلال العصر النووي. وتبدو مظاهر الخوف في العصر الحديث واضحة في فيلم سبيلبرج المليء بمؤثرات خاصة مفعمة بالحيوية وموسيقي صاخبة تنتشر في ارجاء المكان. في الفيلم تستيقط الات حرب غريبة مدفونة مثل خلايا كامنة إثر عاصفة يصاحبها برق وتدمر الشوارع وتهدم المباني وتطيح بالسيارت في الهواء. ويعود كروز إلى منزله يغطيه غبار ابيض من آثار الدمار مثلما فعل ناجون مذهولون حالفهم الحظ فتمكنوا من الهروب قبل انهيار برجي مركز التجارة العالمي. وقال سبيلبرج «أكثر الصور التصاقا بذاكرتي هي فرار الجميع من مانهاتن عبر جسر جورج واشنطن في اعقاب 11 سبتمبر. انها صورة مؤلمة لم انجح ابدا في ابعادها عن مخيلتي.» واضاف انه لا يهدف لتحويل الفيلم إلى مناظرة سياسية. واعترف قائلا «هناك ابعاد سياسية وراء بعض (مشاهد) الرعب والمغامرة والخوف. ولكن ما أريده حقا ان اجعلها موحية بقدر كاف حتى يستخلص كل مشاهد رأيه الخاص.» لكن الخوف ليس الا خلفية لدراسة للشخصيات تتعلق بالقدرة على البقاء والقيم وبلوغ الاب غير المسؤول وابنه المراهق المتمرد مرحلة النضج. وبدلا من ان يصور جنرالات في غرف الاجتماعات ومعارك تعتمد على تكنولوجيا متقدمة يروي سبيلبرج قصة مفعمة بالمشاعر عن الحب والاسرة في مواجهة الفوضى واليأس في عالم تحت الحصار. وقال كروز «احب اسلوب معالجة ستيفن سبيلبرج للاسرة في افلامه. أجده واقعيا جدا وفريدا. حين بدأنا الحديث عن القصة والاب والاسرة لم أطق الانتظار حتى العب الشخصية.» ويلعب كروز دور اب مطلق يطلق العنان لرغباته وملذاته غير منسجم مع المجتمع وغير مرتبط بطفليه ثم تضطره الظروف الى ان يلعب دور الحامي لهما في عطلة نهاية الاسبوع فيرتفع لمستوى المسؤولية . ويتضمن الفيلم مشاهد مؤثرة مع ابنته الصغيرة وتقوم بدورها الطفلة المبدعة داكوتا فانينج ورحلات هروب خيالية ومعالجة جادة للعنف لا تنزلق لمشاهد دموية. وقال سبيلبرج ان الفيلم يمثل ايضا بلوغه شخصيا مرحلة النصج ورد فعل كروز على النقيض مما فعله بطل فيلم (لقاءات قريبة) الذي قام بدوره ريتشارد درايفوس والذي ترك عائلته لينضم للكائنات الآتية من العالم الخارجي. واشار سبيلبرج الفائز بجائزة الاوسكار عن فيلمي (انقاذ الجندي ريان) في عام 1999 و(قائمة تشاندلر) في عام 1994 إلى انه اخرج فيلم (لقاءات قريبة) في عام 1974 قبل ان يرزق اطفالا. واضاف «اليوم لا يمكني ان اقدم شخصا يترك اسرته ليركب السفينة الام. سأجعله يفعل كل شيء لحماية اسرته. (حرب العوالم) يعبر نوعا ما عن نضوجي شخصيا في حياتي الخاصة والتقدم في السن وتنشئة سبعة أبناء.»