فقد السوق العقاري لفترة طويلة أحد أبرز ضمانات التمويل العقاري وهو الرهن وإذا كان الرهن بحسب طبيعة المرهون ينقسم إلى منقول كالأوراق التجارية والصكوك والأسهم والتي نظمت بنظام الرهن التجارب فإن النوع الآخر العقار بقي دون دون تنظيم حتى صدور هذا النظام.ويرى جمهور الفقهاء (الحنفية، الشافعية، الحنابلة) أن قبض المرتهن للمرهون شرط لزوم في عقد الراهن أما المالكية فيرون أنه شرط تمام للعقد ويسمون هذا الرهن بالرهن الحيازي ومؤدى ذلك أنه إذا كان المرهون عقاراً فلا بد لصحة العقد أن يمكّن المرتهن من السيطرة عليه والعلة في ذلك أن حيازة المرهون من قبل المرتهن تعد وسيلة إعلام للغير بوجود الرهن وحيث أصبح من الممكن إعلام الغير عن طريق تسجيل العقار ومنحه وثيقة ملكية وسجل تضبط فيه جميع الحقوق العينية المرتبة به ومنها الرهن فقد ظهر نوع آخر من الرهن وهو الرهن التأميني الذي لا يشترط وضع المرتهن يده على العقار ولا يتعارض هذا الرهن مع القواعد والأصول الفقهية التي قررها فقهاء الشريعة لأن حيازة المرتهن للعقار المرهون - كما أسلفنا - شرط لزوم أو تمام وليس ركناً في العقد بمعنى أنه وسيلة إعلام للغير فحسب لكي يعتبر نافذاً في حقه وليست غاية بذاتها، وتكمن آلية الرهن في نظام الرهن العقاري والمبني على فكرة الرهن التأميني ببيع الممول (الدائن) عقاراً إلى المستفيد (المدين) ويضمن هذا الأخير الدين برهن العقار ذاته إلى الممول فإذا تعثر أو عجز عن تسديد الدين جاز للمول (المرتهن) الحجز على العقار وبيعه في المزاد العلني ويتضمن نظام الرهن العقاري الجديد الكثير من الصور المستجدة على واقع السوق العقاري اليوم ما يعني أن التمويل المبني على الائتمان سيتغير بصورة أساسية ومن أبرز ملامح هذا النظام والصور المستجدة فيه ما يلي: 1 - حق الممول (المرتهن) في التقدم على سائر الدائنين لاستيفاء حقه عند بيع المرهون بالمزاد العلني حتى ولو كان دينهم سابقا في التاريخ لدينه. 2 - يعد قيد وتسجيل الرهن ركنا في عقد الرهن وبدونه يعد العقد باطلاً. 3 - يضمن المستفيد (الراهن) العقار المرهون من التلف والهلاك إلا إذا كان الهلاك أو التلف بسبب تراجع للمول (المرتهن). 4 - من الطرق الجديدة في ضمان الحقوق أنه إذا تعرض العقار المرهون لأعمال تلف أو هلاك جعلته عير كافٍ كضمان للدين المضمون بالرهن فيحق للمول (المرتهن) الطلب من محكمة القضاء المستعجل وقف هذه الأعمال فوراً ومن تطبيقات ذلك أيضاً أن إجراءات النزع الجبري لملكية العقار المرهون لعدم وفاء المدين (الراهن) بدينه لا تتطلب سوى إنذاره كما أنه من اختصاص قاضي التنفيذ في ذلك تطور لافت. 5 - إذا تضمن عقد البيع أو الرهن شرطاً يقضي بتمليك المرتهن (الممول) العقار المرهون في حال أخل المستفيد (الراهن) بالتزاماته يعتبر هذا الشرق فاسداً كأن لم يكن ولا يجوز (للمرتهن) تملكه سوى عن طريق المزاد العلني. 6 - أخذ النظام بما يعرف في القانون بحق التتبع وهذا الحق يعط المرتهن (الممول) سلطة تتبع العقار المرهون والحجز عليه تحت أي يد كان. 7 - يكون التصرف في العقار المرهون واستغلاله واستعماله حق للمستفيد (الراهن) ويضمن سلامة المرهون حقاً للمرتهن (الممول). 8 - إذا هلك العقار المرهون قانوناً بأن نزعة ملكيته للمنفعة العامة مادياً كسقوطه وتهدمه وكان مؤمناً عليه انتقل الرهن إلى التعويض أو مبلغ التأمين بحدود الدين المضمون بالرهن. 9 - يجوز للممول (المرتهن) تضمين العقد حقه في بيع الدين المضمون بالرهن للغير وينتقل معه الرهن وهو ما يسمى بحوالة الرهن. 10 - يمكن أن يكون الراهن شخصاً آخر غير المستفيد (المدين) ويسمى الكفيل العيني وتختلف كفالته عن كفالة الغرم والأداء بأن كفالته محصورة بالعقار المرهون ولا تتجاوزه إلى باقي أمواله وليس لهذا الكفيل عند الحجز على العقار المرهون الدفع بتجريد المدين أولاً. 11 - إذا توفي الراهن أو المرتهن فلا ينتهي الرهن وتنتقل الالتزامات والحقوق للورثة. 12 - دخل ضمن أحكام هذا النظام استنثاء الطائرة والسفينة والسيارة لأنها تشترك مع العقار في خصائص الرهن فلكل منهم وثيقة ملكية وتعتبر عقودها رسمية لأنها تتخذ بواسطة موظف عام. 13 - القاعدة لعامة أن الرهن (المستفيد) لا يتصرف بالمرهون تصرفاً ناقلاً للملكية إلا بموافقة المرتهن ولكن إذا كان بيع العقار المرهون صفقة رابحة للرهن ورفض الممول (المرتهن) هل يجوز له طلب ذلك من المحكمة استثناء ولو كان ذلك قبل أجل الدين المضمون بالررهن وإيداع مبلغ مقابل الرهن في حساب المحكمة؟ أجازت بعض التشريعات العربية ذلك - القانون المصري والقانون الإماراتي - بيد أنه لم يرد في نظام الرهن السعودي معالجة لهذه الحالة رغم أنها شائعة الحدوث لأن الرهن يستمر في الغالب لعقود ما يجعل من قيمة المرهون متغيرة حتماً كما أن النظام لم يكن متوازناً في ذلك بين الحفاظ على مصالح المستفيد (الراهن) ومصالح الممول (المرتهن) *باحث ومستشار قانوني