منذ أن أقر مجلس الوزراء عام 1431ه إنشاء هيئة وطنية للأوقاف ذات شخصية اعتبارية تحت مسمى "الهيئة العامة للأوقاف" وحدد أبرز مهامها المتمثلة في اقتراح الخطط والسياسات العامة والأنظمة المتعلقة بنشاط الأوقاف بالمملكة وتنفيذها بعد إقرارها ومراجعتها وتقويمها والعمل على تطويرها وتحديثها إضافة إلى إدارة الأوقاف التي تكون الهيئة ناظرة عليها واستثمارها على أسس اقتصادية وبأساليب تجارية بقصد حفظها وتنميتها وكذلك حصر الأموال الموقوفة وتسجيلها باستخدام أفضل الأساليب والنظم التقنية المتاحة وإنشاء قاعدة بيانات للأوقاف والمحافظة على أعيان الأوقاف التي تكون الهيئة ناظرة عليها وصيانتها ومنع أي تعد عليها وأنا انتظر بشغف شديد بدء أعمال هذه الهيئة التي ستعمل بالفعل ( إن أحسن اختيار من يتولى إدارتها) على تنمية الوقف الخيري وتسويقه كمشروع وطني تنموي خيري وكذلك العمل الفاعل على إدارته بما يخدم الواقف والوقف والمستفيد من المشروع الوقفي. ومع انتظاري وتطلعي لسرعة بدء الهيئة لأوقافها إلا أنني بدأت أشعر بأن مثل هذا المشروع التنموي الضخم ( ربما) يتعثر فلا يرى النور أو أن يتم تنفيذه بعد فترة زمنية طويلة ( وكل تأخير لبدء أعمال هذه الهيئة يمثل خسارة وطنية)!!. أعتقد أن الوقف بكافة مجالاته سواء منها ما كان فرديا أو ما كان منه تابعا لأسرة متكاملة وربما منشأة متكاملة أيضا يعد فرصة لممارسة تنموية إيجابية يعود نفعها على الوطن بأكمله فهو من ناحية الإدارة يمثل عنصر تطوير وتنمية للفكرة الوقفية وهو من ناحية الممارسة الوقفية يعد دعما مجتمعيا للمحتاج سواء كان فردا أو مجالا فهناك من يوقف على الفقراء والمساكين وهناك من يوقف على المساجد وجلب المياه وهناك من يوقف على مجالات تتعلق بالصرف على الأيتام والفقراء والمعاقين والمعوزين وغيرها كثير. وفي تاريخنا الإسلامي ممارسات راشدة للوقف في مجالات اندثر الاهتمام بها مثل الوقف على خدمة المستشفيات وخدمة المرضى ومساعدتهم وهناك في العالم الحديث أيضا ممارسات غربية ناجحة تتعلق بالوقف على المراكز العلمية والبحثية والجامعات وأذكر في هذا الخصوص تجربة متميزة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله عندما قدم دعما لتأسيس مركز لدراسات الشرق الأوسط بإحدى الجامعات الأمريكية المتميزة ليكون عبارة عن وقف يتم الصرف من إيراداته حيث لا يزال المركز يقدم خدماته منذ أكثر من عشر سنوات من خلال إيرادات مشروعه الوقفي كما أن تجربة عدد من الجامعات المحلية وإن كانت في بداياتها تمثل في نظري خطوة راسخة إلى الأمام في مجال تنمية وتطوير الوقف لخدمة المجتمع المحلي بكافة مجالاته المتنوعة. ولعل في هذه الهيئة الوقفية الجديدة تكون بداية لمشروع وطني أكبر يتمثل في تسويق الفكرة الوقفية وطنيا على الأفراد والجهات والأسر أيضا والعمل على إدارة تلك الأوقاف أو المساعدة في إدارتها ذلك أن الوقف الخيري الوطني يمكن أن يكون داعما ومساندا للاقتصاد الوطني وبمثابة خافض لنفقات الدولة العامة مستقبلا فقد يكون من المناسب مثلا أن تسعى الصناديق الحكومية الحالية كصندوق الموارد البشرية وصندوق المئوية والصندوق الخيري الاجتماعي وغيرها باستثمار أموالها أو جزء منها في أوقاف يتم الصرف مستقبلا من إيراداتها على برامج تلك الجهات بدلا من تحديد ميزانيات سنوية لها ضمن الميزانية العامة للدولة، كما أن برامج مثل الضمان الاجتماعي والجامعات الحكومية والخاصة أيضا والجمعيات الخيرية وشئون المساجد والمستشفيات وغيرها كثير يمكن أن تستفيد بشكل كبير من موضوع الأوقاف فهل نسعى للبدء الفعلي في تنشيط مسألة الأوقاف الوطنية ضمن منظومة فكرية استراتيجية تدرك أن تنشيط الوقف الخيري يمثل في الوقت نفسة مشروعا استثماريا اقتصاديا نافعا للوطن والمواطن أيضا. أتنمى ذلك. والرأي لكم.