على الرغم من الجهود المبذولة من قبل "وزارة الصحة" في تطوير جودة العمل، من خلال خطة عشرية تشتمل على حلول لمعظم المعضلات التي يعاني منها المواطن، إلى جانب خطط أخرى سريعة المدى؛ لتقديم حلول عاجلة لكثير من القضايا العالقة.. على الرغم من ذلك، لا تزال الوزارة تتطلب مزيداً من الجهود المضاعفة للوصول إلى مستوى يلبي حاجة المرضى، وهو ما دعا "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" إلى توجيه خطاب إلى "وزارة الصحة"، تفيد فيه بوضع المنشآت الصحية والخدمات المقدمة فيها، ووصفتها بغير اللائقة بمستوى المملكة؛ نظراً لوجود مراكز صحية في بيوت شعبية متواضعة، ونقص في الكوادر والأدوات الفنية من خلال رصد ميداني أجرته "الهيئة". خطط «وزارة الصحة» قصيرة المدى لم تحل المشكلة ومعاناة المرضى "الرياض" تناقش الجودة في القطاع الصحي، وما هي مسببات سوء الخدمات العائقة أمام اكتمال منظومة القطاعات الصحية. تعريف الجودة في البداية، قال "محمد العسعوس" إن الهيئة الأمريكية المشتركة لاعتماد منظمات الرعاية الصحية عرّفت الجودة بأنها "درجة الالتزام بالمعايير الحالية والمتفق عليها للمساعدة في تحديد مستوى جيد من الممارسة ومعرفة النتائج المتوقعة من الخدمة أو الإجراء العلاجي أو التشخيصي"، مبيناً أن الجودة هي درجة تحقيق النتائج المرغوبة، وتقليل غير المرغوبة في ظل الحالة المعرفية بفترة زمنية معينة. نحتاج إلى هيئة رسمية تتابع تطبيق المعايير في الجهات الطبية على غرار «المواصفات والمقاييس» وأشار إلى أن واقع أغلب المستشفيات يسير بدون رعاية لمعايير الجودة، على الرغم من نيل بعضها على شهادات دولية في الجودة الطبية كانت بمثابة المفاجأة للمهتمين في المجال ذاته، في حين امتعاض المرضى من تلك الجهات الحائزة على الشهادات من سوء الخدمات وتردي أسلوب العمل وغيرها من السلبيات. سوء مباني المراكز الصحية قلل من جودة خدماتها وأضاف: لو أردنا أن نحقق الجودة وبنسب عالية جداً؛ فعلى (وزارة الصحة) إعادة النظر بكيفية استعمال مدخلاتها الهائلة من جديد، وعليها تغيير الأنظمة الورقية القديمة، فنحن في زمن الحكومات الالكترونية والرقمية، إلى جانب الإيعاز لوزارة التعليم العالي بقبول أكبر نسبة من الطلاب السعوديين في كليات الطب والصيدلة بدون شروط معقدة، بحيث لا يكون المعدل العالي فقط هو معيار القبول، من أجل تمهيد بيئة العمل أمام المواطنين بدلاً من الاعتماد على الأجانب". قلّة الكفاءات وعزا "أحمد العبيد" تزايد الأخطاء الطبية؛ إلى قلّة الكفاءات العالية في مجالات الطب المختلفة، فضلاً عن أن اختيارهم يتم من خلال لجان إدارية قد لا تحيط بأسرار مهنة الطب، مستغرباً من حصول بعض المستشفيات على شهادات في الجودة من قبل منظمات عالمية، في وقت تزخر فيه عياداتها بأخطاء طبية قد ينتج عنها مضاعفات خطيرة، مبيناً أن أغلب المستشفيات تواجه ضغطاً كبيراً في تزايد أعداد مراجعيها؛ مما قد يسبب خطأ في تشخيص بعض الحالات المرضية بسبب الاستعجال وكثرة المراجعين. م.عبدالوهاب الخميس واستشهد بما حدث لزوجته، عندما تعرضت لخطأ طبي، حيث خضعت لعملية من زمن بعيد، وبعد فترة صارت تتألم في أسفل القدم لفترة ما بين شهرين إلى ثلاثة، وبعد إجراء أشعة على القدم، كانت المفاجأة بوجود "إبرة" طولها (أربعة سنتمرات)!، خضعت بعدها لعملية أخرى؛ لاستخراج الإبرة ولكن الآلام ما تزال تعاودها بين فترة وأخرى، مبيناً أنه لم يرفع شكوى ضد المستشفى؛ لأنه لن يخرج منها إلاّ بالتعب دون جدوى. وقال إن أبرز المشكلات في المستشفيات تكمن عند أخذ موعد مع طبيب أو لصرف العلاج، حيث تمضي أوقاتاً طويلة من أجل إنهاء المهمة، بل إن البعض يبحث عن "واسطة" من أجل تقديم الموعد، أو تحاشي طوابير الانتظار، أو بحثاً عن "سرير" كما فعل هو أثناء مرض والدته. ناصر السيحاني جودة شاملة ويرى "م.عبدالوهاب بن عبدالله الخميس" -متخصص في قضايا التأمين والسياسات الصحية- أنه لا يمكن اقتصار النظرة للجودة الصحية فقط في اسهامها بتقليل الأخطاء الطبية من منظور اكلينيكي بحت -على رغم اهميته - لكن يجب النظر للجودة الصحية بمفهومها الشمولي؛ لأن الجودة إطار مترابط، يشمل الجودة في الموارد المالية والبشرية والتشغيلية والفنية للمنشآت الصحية، إلى جانب رفع مستوى الجودة في إطار استراتيجي يتم عبر وجود جهة تشرف وتقيّم مستوى الجودة في منشآتنا الصحية سواء كانت خاصة أم حكومية. وقال إن وجود مجلس مركزي لاعتماد المنشآت الصحية فكرة جميلة نظرياً، لكن المجلس في صورته الحالية غير نشط وغير فعال؛ وذلك لعدم استقلالية المجلس مالياً و إدارياً فظل عائقاً حقيقياً في أن يسهم برفع الجودة الصحية، مبيناً أن دور المجلس لا يكفي أن يكون استشارياً، بل لا بد أن يتجاوز هذا الدور إلى دور تنفيذي لمن لا يلتزم بالمواصفات الموضوعة سلفاً، وهو ما يعزز أهمية استقلاله إدارياً ومالياً عن "وزارة الصحة"؛ لأنه ليس من المعقول أن يعمل المجلس لرفع مستوى الجودة الصحية في مستشفيات القطاع الخاص، بينما لا تزال بعض مستشفيات الوزارة دون المستوى المأمول، فضلاً عن أن الاستقلالية المالية تمكن المجلس بأن تكون قراراته بعيدة عن أي تأثيرات أخرى. محمد العسعوس وأضاف:"بناء على ما سبق ذكره؛ لا أدعو إلى تغيير المسمى فحسب، بل إلى الدور نفسه، بحيث يكون هيئة وطنية تعتني بالجودة الصحية بمفهومها الشمولي، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ذكر مراراً أنه "لا شيء يغلا على صحة المواطن"، وتلك العبارة اقتبستها وزارة الصحة لتضعها شعاراً لخطتها الاستراتيجية الحالية. وبيّن أن إنشاء هيئة وطنية للصحة مطلب وطني مهم من أجل رفع الجودة الصحية، فليس من المعقول أن تكون لدينا هيئة للمواصفات والمقاييس تهتم بوضع موصفات الأجهزة وغيرها، بينما لا توجد هيئة تهتم بصحة المواطن وهو الغاية من وضع كل النظم والتشريعات!. أحمد العبيد وذكر أن وجود هيئة وطنية مستقلة يساعد على تخفيف ما نسمعه من معاناة شبه يومية عبر وسائل الإعلام المختلفة من أخطاء طبية، ويدعو "وزارة الصحة" إلى إغلاق مؤقت لبعض المراكز الصحية المخالفة للاشتراطات المقرّة، منوهاً أن غياب مواصفات صحية موضوعة وفق مقاييس صحية معتمدة يجعل المعاناة تستمر إن لم توضع لها حلول استراتيجية. وأضاف أن العديد من مستشفيات القطاع الخاص والحكومي اضطرت إلى الاستعانة بجهات أجنبية تعتمد المقاييس (JCIA) وهو أشهرها تطبيقاً في "أمريكا"، ولدى مستشفياتنا وغيرها من الجهات الأخرى مثل الألمانية أو الهولندية، لافتاً أن سعي تلك الجهات إلى الحصول على اعتماد دولي يعد أمراً محموداً، ولكن لا بد من اعتماد السعي نحو سقف وطني يحقق رفع الجودة لكل الجهات سواء كانت حكومية أم خاصة، في كافة المدن الكبيرة والصغيرة بمعايير واحدة لا تتغير. أهم مطلب وشدد "ناصر فنيسان السيحاني" -رئيس مجموعة السيحاني الطبية وعضو اللجنة الطبية في غرفة الرياض- على أن الجودة هي أهم مطلب يجب أن يتوفر لدى مقّدم الخدمة للإنسان، مبيناً أن الجودة من المنظور الصحي المهني الطبي هي تقديم أفضل الخدمات الصحية وفق أحدث التطورات العلمية والمهنية، ويحكمها أخلاقيات الممارسة الصحية المتخصصة، ونوع الخدمة الصحية المقدمة وكفاءة العاملين والالتزام بكافة المعايير. وأضاف أن الجودة مطلب أساسي لهذه المنشآت، في حين الجهات التي لا توفر الجودة ستخرج من سوق المجال الصحي عاجلاً أم آجلاً، مبيناً أن المستشفيات والمجمعات الطبية الخاصة تحرص على إبراز الشهادات التي تحصل عليها أمام المرضى والزوار؛ لطمأنتهم أن المنشأة معتمدة من الهيئات الخاصة بالجودة وأنها تطبق معايير الجودة النوعية، مشيراً إلى أن طالب الخدمة أصبح حالياً أكثر تقييماً ولديه الوعى حول الجودة، مما ينعكس على ارتباطه بالمستشفى، بعكس الحال لو كانت معايير الجودة غير مطبقة وكشف أن "وزارة الصحة" دعت كافة المستشفيات والمجمعات الطبية العامة والخاصة، إلى ضرورة الحصول على شهادة الجودة، مبيناً أنه تم إنشاء "المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية (سباهي)"؛ ويعمل على اعتماد المنشآت مع عدد من الشركات العالمية المختصة؛ لاعتماد الجودة وفقاً لمعايير عالمية، وتم منح مهلة للمنشآت بتحسين أوضاعها وتطبيق المتطلبات طبقاً للشروط؛ مما سينعكس على جودة الخدمة حاضراً ومستقبلاً. أخلاقيات المهنة ودعا "السيحاني" المستشفيات إلى تطبيق معايير الجودة بشكل صحيح بعيداً عن الأخطاء الطبية وسوء الخدمة، إلى جانب أداء العمل بأمانة وإخلاص، إضافة إلى احترام أخلاقيات هذه المهنة الشريفة، واتباع سياسة "المريض أولاً"، خاصة أننا في ظل المنافسة الكبيرة بين المنشآت الصحية، مما يجعل البقاء للأفضل في تطبيق معايير الجودة فعلياً. وأضاف أن الجودة مطلب أساسي في الرعاية الصحية، ولن يتم ذلك إلاّ وفق معايير صحية بدءاً من إدارة هذه المنشآت التي تقوم بالتنظيم والتشريع واختيار الكفاءات الطبية والصحية الجيدة والأمينة، إلى جانب العمل على تطويرهم وتدربيهم، إضافة إلى اختيار الأجهزة الطبية الممتازة والمباني المناسبة صحياً لمثل هذا القطاع.وعدّد أبرز المتطلبات الواجب توافرها في المنشآت الصحية، وأبرزها التقليل من الأخطاء الطبية، وتوفير الخدمات الصحية بشكل جيد لفئات المجتمع وبشكل متزن، إلى جانب الإلتزام بالمعايير والأخلاقيات الطبية وتوفير الصحة الفعالة في الوقت والمكان المناسب للمريض، إضافة إلى تدريب العاملين بما يستجد في هذا المجال. وطالب بفتح المجال بشكل أكبر أمام الطلاب الراغبين في دراسة العلوم الطبية بمختلف تخصصاتها؛ لما في تلك المهنة من أهمية في القطاع الصحي والخدمي بشكل عام، إلى جانب تخصيص هيئة أو جهة رسمية مختصة لمتابعة تطبيق المعايير المطلوبة في الجهات الطبية.