يقال: من تزوج على عجل ندم على مهل.. وقد ورد في كتب التراث أن أعرابياً في الأربعين من عمره تزوج على عجل.. فقد رأى امرأة متخضبة بالنحناء مرتدية ثياباً صفراء (غاية الأناقة في ذلك الزمان) ورآها على ضوء القمر فأعجبته، وكل امرأة تتأنق وتبدو من بعيد نسبي على شعاع ضوء قمر خافت قد تعطي صورة خلاّبه خداعة جاء جمالها من ضوء القمر الشاحب وهدوء الليل الساجي واستعداد النفس للرومانسية في ليل جميل وسماد مرصعة بالنجوم ونظرة غير فاحصة لامرأة اتقنت الأناقة وعرفت ما تظهر وما تخفي لهذا قالوا (اللمحة ذبحة) و(الحب من أول نظرة كثيراً ما يشفى بنظرة ثانية).. على أي حال استعجل الأعرابي وخطبها من نفسها ومثلت عليه بين القبول والثقل فأصر على مقابلة الأهل الذين ما صدقوا الخبر وسرعان ما عقدوا له عليها، ورموه بها، وأدخلوه عليها آخر الشهر (ليلة المحاق) حيث اختفى القمر وساد الظلام إلاّ من وميض بعيد للنجوم.. ولكن الأعراب ارتاب ليلة الزفاف (ومغصه) بطنه وأحس أنه تورط، ولم يكد الصبح يبين حتى تيقن أنه تزوج عجوزاً متصابية قد أكل عليها الدهر.. وفي حيرة الأعرابي من الورطة رأى العروس العجوز تذهب لعطار البادية تريد أن يعود شبابها من جديد وقد ظفرت بزوج (لقطة).. نفّس الأعرابي عن ضيقه بأبيات يصف فيها ورطته وزوجته، وسارت أبياته مسير الأمثال: (عجور ترجي أن تكون فتية وقد نحل الجنبان وأحدودب الظهر تدس إلى العطار سلعة أهلها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر تزوجتها قبل المحاق بليلة فكان محاقاً كله ذلك الشهر! وما غرني الاخضاب بكفها وكحل بعينيها وأثوابها الصفر)!