يقتضي التوازن الاجتماعي حسن إدارة التعامل مع حقوق الناس وواجباتهم، بدءاً مما تستوجبه متطلبات الحياة والمشاركة مع الأسرة الصغيرة فالعائلة الأكبر حتى المجتمع الخارجي. وعلى اثر المشاركة في بعض الدراسات وما أعقبها من نقاشات مطوّلة مع مجموعة من الأصدقاء الباحثين وجدت أن العلاقات الإنسانية بين الناس ربما تواجه أكبر تحدٍ في تاريخ المجتمع البشري. وما يمكن استخلاصه من تلك الدراسات والحوارات أن "الحاجة" كانت ركناً مهماً في استدامة وتطوير العلاقات الإنسانية والحرص عليها ثم تعزّز ذلك المفهوم بقيم الدين التي تحثّ على فضيلة الوفاء وحسن التعامل والبر والصلة وحسن الجوار وكل ما يعزز العلاقات الطيبة بين الناس. وعلى هذا الأساس تجدك في مدارات العلاقات الإنسانية تسأل نفسك أحياناً بعض الأسئلة التي قد لا تعرف لها إجابة واضحة خاصة حينما تتعرّض علاقتك الشخصية مع طرف آخر للاهتزاز أو لخيانة الثقة أو حتى الجحود والنكران دون مبرّر. وحتى تتضح الصورة أكثر يمكن تلخيص هذه الأوضاع المحيرة في علاقات البشر في مجتمعنا في خمسة أسئلة. السؤال الأول: لماذا تجدك في مواجهة ذاتك وأنت تتساءل كيف أن بعض من أسديت لهم معروفاً يتنكّرون لك، بل ويتجاهلون في كل سانحة ذكر ما قدّمت لهم من معروف مع ضخامة ما قدمت لهم؟ والسؤال هنا يستلزم التأكيد على ان المقصود ليس ما تفرضه واجبات دينك من الزكاة والصدقة والإحسان للمحتاج حتى لا يكون ما تقدّمه وتتساءل عنه من باب المنّ والأذى. السؤال الثاني: لماذا يتوقّع منك بعض من حولك أنّ من واجبك دائماً أن تعطي وتقّدم وتضحي سواء بوقتك أو بمالك أو بجاهك في حين لا ترجو منهم سوى السلامة من أذى اللسان؟ وللتوضيح أيضا فإن هذا لا ينسحب على المحتاجين من حولك للمبادرة بالعون المعنوي أو المادي وإنما من لديهم القدرة مثلك على بذل بعض الجهد والتضحية ببعض ما لديهم. السؤال الثالث: كيف يرتّب بعض الناس عليك حقوق متابعة أعمالهم وتسريع قضاء حاجاتهم وإبلاغهم بالفرص والمواعيد وهم من القادرين على العمل والمتابعة وتخليص حقوقهم؟ السؤال الرابع: من يستطيع تفسير شخصيّة "المتشرّه" الذي يرى أنّ له عليك حقاً في كل شيء، فأنت مطالب بمعرفة ما يريد، ومداراة خاطره، وهو فوق ذلك كله يرى أنّ الفضل له أن "شرّفك" بقضاء أيّ أمر يهمه! وللتوضيح فهذا الشخص فقط يرهن مديحك بإنهاء "معاملاته" فأنت في قائمته "معقّب" تنتهي العلاقة وتبدأ مع هذا الدور الذي عيّنك فيه. السؤال الخامس: من يخلّصك ممن فرض نفسه عليك "صديقاً" ويرى أنّ له كل حقوق الصداقة في التواصل وتبادل المنافع والاتصال والزيارة ؟ وللتوضيح فهذا الشخص "النشبة" لا يستهلكك ماديّا واجتماعيّا فحسب وإنما يضيف على ذلك التهام هدوء روحك وسكينتك وهو يطلب تفاصيل التفاصيل في حياتك وعملك وكيف قضيت وقتك. **مسارات: قال ومضى: اطمَئِنْ فَلَمْ تَتَأَهلْ بَعْدُ لِدَائِرَةِ الخُصُوم .. أَلَمْ أقُلْ لَكَ يَوْمَاً بِأَنَّ خُصُومِيَ نُبَلَاءَ بِقَدْرِ أَصْدِقَائِي.