لم تعد الرياضة مجرد منافسات في كرة القدم، والتي اعتدنا حصرها بهذه اللعبة وإهمال بقية النشاطات حتى تحوّل ربع موهوب إلى نجم بعقود بالملايين وهو الذي لا يصل لمئات الآلاف في دول الاحتراف الحقيقي، ليأتي إهمال الرياضات الأخرى بدواعي وضعها خلف كرة القدم. كانت الرياضة المدرسية، هي من أدخلتنا سباقات الدراجات، والألعاب المختلفة من سباقات وكرة طاولة وسلة وطائرة وكذلك السباحة وقد شُلّ هذا النشاط رغم أنه كان مركز التمويل للأندية، وضاعف من قيمة المنتخبات والتي حصلنا فيها على جوائز عربية وإقليمية، ومحاولات إلى الصعود للعالمية، وبطولات آسيوية تضاءلت بعد إيقاف الرياضة المدرسية. قبل فترة ظهرت دعوة برفع رئاسة رعاية الشباب إلى وزارة، لكن حتى لو تحقق ذلك، فالهيكل الذي بنيت عليه الرئاسة إدارياً وفنياً، بقي كما هو لا تطوير ولا تحديث في الأنظمة، ولا جلب خبرات تخرج الرياضة من تقليديتها إلى بناء مؤسسات استثمارية كبيرة أسوة بالبلدان المتقدمة، وتكفي فضيحة المونديال الأخير، إذ لولا الفروسية، وهي التي لا تخضع لرئاسة رعاية الشباب، لما عُرفنا في هذه التظاهرة العالمية الكبيرة حين فزنا بميدالية برونزية، بينما بقيت ألعابنا الأخرى في الصفوف الدنيا من المنافسة. قطاع الشباب لم يأخذ الأهمية التي تعرف بأنها قوة التأسيس والدفع في مختلف المهارات والنشاطات، بل هو قطاع مهمل، فلا أندية مدرسية أو أهلية تبحث عن المواهب في الثقافة والفنون والآداب والابتكارات، ولا لهو مباح يفرغ طاقات هذا القطاع من الشباب، بدلاً من التسكع بالشوارع والأسواق، واحتراف التفحيط، وتقليد الصرعات الغريبة في قصات الشعر والملابس، وتحدي كل ما هو تقليدي، وهي طبيعة معروفة في علوم النفس والاجتماع، إن المراهقين يريدون التعبير عن أنفسهم بالأسلوب الذي يعتقدون أنه يظهرهم للمجتمع كرجال، وقد لا يفيد الصدام معهم أو اتخاذ أسلوب الإقناع بالطرق التقليدية أو الزجر، دون مراعاة أن شباب اليوم يتأثرون ليس بمحيطهم الداخلي، بل ما يدور في عالمهم الكبير، عندما يتداخلون معه بالوسائط الحديثة المتاحة، وإنما توفير المجالات التي تفرغ فيها هذه الطاقة وتوجيهها لتكون مصدر عطاء، بدلاً من أن تكون ظاهرة سلبية. الكثيرون كتبوا وتحدثوا عن أندية الأحياء لتؤسس لعلاقات اجتماعية وإنسانية بينهم، وهناك من طرح أفكاراً بأن الشركات والوزارات وفروعهما لا تملكان المقار التي يمكن إقامة أنشطة رياضية واجتماعية، وآخرها اقتراح عودة الرياضة المدرسية لمختلف المراحل، بحيث تكون الأنشطة مسائية، ويأتي هذا القرار، إن نفذ، عودة إلى تلك الرياضة التي دخلت مرحلة النسيان وهي خطوة ستكون نتائجها إيجابية اجتماعياً وأسرياً والمستفيد الأول منها الأندية الرياضية الكبيرة، والمتوسطة والصغيرة، وتبقى جدية العمل والاعتمادات المالية وانتقاء المدربين وخبراء هذه النشاطات حتى نعود إلى المنافسات الدولية بقدرات شابة جديدة هي المهمة الكبرى.