وأنا أتحدث عن المستشفى التخصصي في جدة ، ولا أعرف شيئاً عن المستشفى التخصصي في الرياض ولهذا سأقصر حديثي على المستشفى التخصصي في جدة، وأبادر قبل هذا الحديث وأكرر أن مدير المستشفى ومنسوبيه معذورون فهم ينوءون بعبء لا قبل لهم به، ويواجهون ظروفاً لا حيلة لهم إزاءها، وإذا كان حال المستشفى في غاية السوء، فهذا ليس من صنعهم، بل يسأل عنه المتنفذون الذين يرغمون المستشفى على علاج مرضى، لا يحتاجون إلى العلاج في المستشفى التخصصي، ولهذا فإن المستشفى مزدحم بالمرضى والمنتظرين والذين قد يطول انتظارهم حتى يدركهم اليأس ويذهبوا إلى مستشفى خاص، وهذا ما حصل لزوجتي فقد قال لها طبيبها الخاص الذي كان يعالجها في مستشفى أهلي إنها تحتاج إلى قسطرة لسحب المياه من الكبد، وقال ان الطبيب الوحيد الذي يمكن أن يقوم بذلك موجود في المستشفى التخصصي، وأضاف إننا نحتاج إلى واسطة قوية لكي يقبل المستشفى علاجها ، وأنا شخص أكره الواسطة وأعتبرها نوعاً من الفساد ، فأنا حين استعمل الواسطة أحرم شخصاً آخر تكون حالته حرجة، ولا يجد واسطة يتوسل بها لدخول المستشفى، ولكن صاحب الحاجة مكره، المهم استصدرت أمراً بالقبول في المستشفى من شخص من ذوي النفوذ البالغ، وقدمنا تقريراً عنها للمستشفى، وبعد أسبوع قابلها أحد الأطباء، وأخبرها أن الطبيب المختص لا يمكن أن يفحصها قبل شهر، ولكن في اليوم الثاني ساءت حالتها فذهبت إلى قسم الطوارئ بالمستشفى، وانتظرت ست ساعات دون أن يفحصها أحد، فرجعت إلى البيت وقررنا أن نسافر إلى باريس، وإدخالها إلى مستشفى فيها، ولكن الطبيب أخبرنا أننا تأخرنا في إدخال القسطرة، وأن حالتها الآن لا تحتمل، ثم ساءت حالتها إلى أن أدركها الموت، ورغم أن لكل أجل كتاب، فهذا لا يعفي المستشفى التخصصي من المسئولية، وقد قلت في البداية إن المستشفى معذور فهو يقع تحت ضغوط من واسطات لا يستطيع رفضها ولمرضى يمكن علاجهم في مستشفى حكومي عادي ، والنتيجة أن يزدحم المرضى على المستشفى، ويعجز عن الحالات التي تحتاج إلى علاج عاجل، ولا يوجد في المستشفيات الأخرى طبيب يعالجها، وهو وضع سيستمر إلى أن نضع حداً للواسطة،وهذا مستحيل .