لا أعتقد أن هناك منظراً يقتل أبسط مظاهر الحضارة في أي مدينة كمنظر صهريج الصرف الصحي القبيح. منظر متهالك لتلك الشاحنة يصيبك بالكآبة والإحباط والاشمئزاز بل يصيب أي مخلوق لديه إحساس بالمسؤولية تجاه وطنه. باعتقادي هي ليست فقط دلالة على انعدام أبسط إمكانيات البنية التحتية بل وهي أيضاً دلالة على جهل مركب عظيم في أضرار تلك المياه على صحة الإنسان وعلى البيئة وعلى المياه الجوفية ومياه البحار وغيرها من الأضرار التي لا تعد ولاتحصى.. بل ودلالة ذلك المجتمع يفتقر للنظافة العامة ... ودلالة على عدم اكتراثه بصحته والبيئة التي يعيش فيها .. منظر تلك الصهاريج يؤرقنا جميعا ليس فقط بسبب منظرها المشين وإنما هو السبب الذي جعلها تجوب شوارعنا ضاربة بجميع قيم الحضارة عرض الحائط .. ذلك السبب الذي جعلها جزءا من حياتنا اليومية .. بسبب عدم توفر شبكات للصرف الصحي وشح محطات معالجة مياة الصرف.. ونحن من أكثر الدول حاجة لمعالجة مياه الصرف والاستفادة منها أو على الأقل حماية المواطن والبيئة منها .. ومن أضرارها .. إن معالجة مياه الصرف مهم جداً ولا يقل أهمية عن تحلية مياه الشرب وهو قضية جوهرية واستراتيجية بالنسبة لنا ومانعانيه من شح في موارد المياه الطبيعية في بيئتها الصحراوية في أمريكا يتم صرف مايقارب دولارين على كل متر مكعب لمعالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في مجالات كثيرة كالزراعة والصناعة مع العلم أن لدى أمريكا مصادر مياه طبيعية كثيرة ومتعددة .. ان ماتخسره الدولة من ميزانيات ضخمة في تحلية مياه الشرب حالياً نخسر ضعفة بعدم وجود شبكات لمياه الصرف الصحي ومن ثم معالجتها بالطرق الصحيحة والاستفادة منها مرة أخرى.. كلنا أمل في أن تنتهي مشاريع شبكات مياه الصرف ومحطات المعالجة وأن نشهد إيقاف آخر صهريج كُتب علية "مخصص لمياه الصرف الصحي"