كل عام وأنتم بخير. عيدكم مبارك.. عساكم من عواده.. تقبل الله منكم.. تسكب عبارات التهنئة.. استحقاق ليلة عيد.. انثيال بعضه لا يخفى صدقه وحرارته.. وآخر لا يعدو أن يكون مجاملة عابرة في زمن عابر لكل شيء!! وإذا العيد مناسبة حب وصفاء.. وبشرى إتمام فريضة الصوم.. رجاء القبول وفرحة اللقاء.. فلا تحزنوا إن حمل معه بعض الحزن والألم.. فلربما يطهرنا ويجلو عن صدورنا ما ترزح تحت وطأته من أقدار الدهر وصروفه ليلة يُستدعى فيها بعض الفرح.. كما تستدعي الذاكرة الراحلين بين عتبه عام وآخر.. وبين أعوام ذراها الزمن في كهوف الرحيل لتبقى تفاصيلها الصغيرة ليلة عيد.. تستدعي حنينا أو شوقا أو حزنا دفينا، وقد تستلذ بومضات من أيام أُودعت سفر الزمن العجول. خمسون.. تستله الأيام.. عاما بعد عام.. خمسون تذرو رياح العمر.. حصاده الهشيم وعيناه سنبلتان تذرفان.. خمسون.. يا جناية العمر توقفي قليلا.. رويدك قليلا دعيني أعبر جسور الدهشة خمسون وتستلين زهرة العمر وزهرة العمر خرافة أبدية خمسون.. وملامح الشباب ذكريات لم تعد مرت كلمح السراب سراب أدركه الظمأ وصحراء العمر تبكي مر السحاب خمسون وكل ما حولك يوحي بالغياب تودعني أم تستودعني يا رحيل.. توقف على الأبواب خمسون والخطو مثقلٌ.. يعزيني الرفاق ببقايا الشباب والشيب وخط.. والعمر لغط والسنون صعاب خمسون.. وما تبقى وسنبلتان وما ذرفت قد تورقان يوما بعد الرحيل وقد تطويهما الأرض اليباب.. وما الحرج ان تستدعي ليلة عيد رحلة العمر القصير.. تنبش في ذاكرتها وتقرأ في ملامحها وتقوِّم خطوها. وفي تلك الليلة تُسائلني هذه البراءة الصغيرة التي تلعق التشريد، وهي تحمل ذاكرة الموت في خطوها الأول وعقدها الأول.. تصحو على أزير الموت لتنظر في عين أم أو أب اطفأتها للأبد وحوش تبرأ منها الوحوش.. هل تصفو ليلة عيد وأزير الموت ودوي القصف يدك المدائن ويهزأ من كل عيد. هل تصفو ليلة عيد وتلك البشاعة لا تكف عن سفك الدماء في عالم مخادع خذول.. متسربل بالأكاذيب.. أي انسانية لا تحرك سوى الصوت اللئيم؟! تلاحقني وجوه الصبايا والأرامل والعجائز. لاجئون.. مشردون.. استبدلوا خيام التشرد بدفء ليلة عيد في دار لم تعد تمدها شجرة سرو بخيط مشدود للأمل أو الفرح.. وفي فصول أشد قسوة من أن يخضع لامتحانها بشر أو شجر أو حجر. أتشتري.. تدحرجت من شفتيه.. مسكونة بالوجل أتشتري.. لثغى ادلهمت تعانق حمرة الخجل أتشتري.. قلها صغيري: أتشتري عمري المسكون بالمحن أتشتري.. قلبا صغيرا أدركه الظمأ.. ولم تدركه يد المؤمن ستشتري من سني الألم.. ستشتري دمع الطفولة.. مسكونا بفاجعة.. هذا زمن الجدب فلتشتر.. وإذا العيد مناسبة حب وصفاء.. وبشرى اتمام فريضة الصوم.. رجاء القبول وفرحة اللقاء.. فلا تحزنوا إن حمل معه بعض الحزن والألم.. فلربما يطهرنا ويجلو عن صدورنا ما ترزح تحت وطأته من أقدار الدهر وصروفه. كنت أود لو كنت شاعرا أطرز لكم قصائد فرح وحب وشوق في ليلة عيد.. إنما هذه بضاعتي، فمن وجد فيها شيئا من ذاته فلربما كانت مشاركة الوجد تخفف وطء وحدة الهاجس المؤرق.. ومن انصرف عنها فلا تثريب عليه.. فكم يسعد القلب الشغوف أن يبرأ هذا العالم من الآلام والاحزان والكوارث ليخفق دوما بالسعادة والفرح. أَوقد شمعتين أرسل عينيه في بحر الصمت وأرخى حبل الذكرى لا صخب المدينة يدعوه ولا سراة الليل تسلوه هذا المساء موعده تعالوا لقد طال انتظاري ولم ترحل سحابته فرشت لكم ردائي وحبست في صدري قصائده عقود مضت مذ رحلتم على عتبات الخمسين أشكو الفقد.. ويشكو مني حنيني لا صدر آوي إليه ولا تحنان يعزيني وجع غادركم فأسكنته أضلاعي وعيوني ليله العيد موعدنا اقتربوا.. لا تتركوني وحدي هاتي خبزك سيدتي ولتتلو سيدي بعض قصائدك أعدك سأنصت لك اليوم وأسكب على قوافي شعرك بعض جنوني..