تراجع وزير الخارجية الفنلندي ، إركي توميوجا ، عن تصريحات صحفية تحدث فيها عن استعداد بلاده بخطط لمواجهة انهيار محتمل لمنطقة اليورو في ظل المخاوف من تصاعد أزمة ديون منطقة العملة الأوروبية الموحدة. وقال توميوجا في تصريحات لمحطة "واي. أل. إي" الفنلندية الإذاعية الجمعة إن عنوان "فنلندا تعد نفسها لانهيار منطقة اليورو" الذي اختارته صحيفة "ديلي تيليجراف" البريطانية للمقابلة التي أجرتها معه "اسيء فهمه". وأضاف توميوجا: "في المواقف المضطربة تساور جميع الوزارات مخاوف من إمكانية حدوث ذلك ... من إمكانية انهيار اليورو ". ولا يبدو أن الأوضاع الدبلوماسية في منطقة اليورو قادرة على تهدئة مخاوف الأسواق حيث أعلنت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن دعمها لموقف البنك المركزي الأوروبي الرافض على تقديم أي مساعدات مالية غير مشروطة لدول منطقة اليورو المتعثرة ماليا. و كان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي قد أصر على ضروة تقدم الدول الأعضاء بطلب الحصول على مساعدة البنك لكي يتدخل ويساندها في الأسواق المالية. وقالت أنجيلا ميركل خلال رحلتها إلى كندا ردا على سؤال عن موقفها من تصريحات دراجي إنها تؤيدها. وكانت صحيفة "ديلي تيليجراف" الصادرة الجمعة نقلت عن وزير خارجية فنلندا توميوجا قوله: "يتعين علينا توقع إمكانية انهيار منطقة اليورو" ، مشددا على ضرورة أن تعد فنلندا نفسها لهذا السيناريو. وذكر توميوجا أن السلطات الفنلندية لديها بالفعل خطط "لمواجهة جميع الاحتمالات" المتعلقة بأزمة الديون في منطقة اليورو. ووفقا لتقرير الصحيفة ، تعتبر تصريحات توميوجا الأشد من حيث اللهجة حتى الآن لسياسي قيادي في منطقة اليورو فيما يتعلق بالتحذير من انهيار منطقة اليورو. وفي المقابل ذكر توميوجا أن نهاية منطقة اليورو لا تعني نهاية الاتحاد الأوروبي ، وأضاف: "بل على العكس ، فعقب انهيار منطقة اليورو سيعمل الاتحاد الأوروبي بأداء أفضل". وفي الوقت نفسه حذر توميوجا من الأعباء المالية التي قد تعقب انهيار محتمل لمنطقة اليورو ، وقال: "هناك إجماع على أن انهيارا متوسطا وقصير المدى قد يكبد خسائر أكثر من الإدارة الحالية للأزمة". ولكن وزير الشؤون الأوروبية الفنلندي ألكسندر ستوب سارع برفض تصريحات توميوجا بشكل حاسم. وقال ستوب في تصريحات لشبكة سي.إن.بي.سي التلفزيونية "لا اعتقد أننا سنلعب بالنار هنا ونقترح تفكيك منطقة اليورو.. السيناريو الأول بالنسبة لحكومة فنلندا هو أن اليورو سيستمر". كما شدد متحدث باسم المفوضية الأوروبية على أنه "لا غنى عن اليورو". وقال أوليفر بايللي المتحدث باسم المفوضية "المفوضية لا تعمل على تفكيك منطقة اليورو ولا على وضع خطط طوارئ لمواجهة هذا السيناريو ولا سيناريو خروج دولة أو أخرى من المنطقة .. واجبنا هو التركيز فقط على سبل إنقاذ تكامل اليورو". من ناحيته دافع توميوجا عن نفسه في تصريحات لإذاعة واي.أل.أف بعد نشر تصريحاته الصحفية فقال كان تعبيرا عن موقف شخصي يرى أنه في ظل حالات الغموض يجب أن تدرس كل الوزارات احتمالات حدوث مثل هذه الأشياء وأن منطقة اليورو قد تتفكك. كما اتهم الوزير الصحيفة البريطانية باستخدام عناوين مضللة عندما عنونت للموضوع بعبارة "فنلندا تستعد لانهيار اليورو". وجاء توقيت تصريحات الوزير الفنلندي مفاجئا للمراقبين بعد أن استمتعت دول اليورو المتعثرة ماليا بعدة أسابيع من تراجع ضغوط أسواق المال عليها. و يقول كارل لانو المحلل الاقتصادي في مركز دراسات السياسة الأوروبية ببروكسل "لماذا يقول هذا الآن في الوقت الذي تحسن فيه موقف الأسواق مما يحدث في منطقة اليورو؟" وأضاف أن التعامل السياسي "كان أكبر نقطة ضعف في الجهود الأوروبية لمواجهة أزمة منطقة اليورو طوال عامين ونصف العام". كانت فنلندا قد أثارت ترقب أوروبا الشهر الماضي عندما بدت أنها ستتراجع عن موافقتها على حزمة الإجراءات الرامية إلى مواجهة أزمة ديون منطقة اليورو والتي كان قد تم الاتفاق عليها في قمة أوروبية سابقة. الجدير بالذكر أن فنلندا وجدت نفسها في خلاف مع الدول الأخرى الأعضاء في منطقة اليورو عدة مرات خلال أزمة ديون المنطقة وكانت تحظى أحيانا بدعم بعض الدول المحافظة ماليا مثل هولندا. وقد انضمت النمسا إلى هذا النزاع الجمعة ميشائيل سبيندلجر عندما طالب الدول الأعضاء في منطقة اليورو إلى ضرورة اتاحة إبعاد أي دولة لا تلتزم بالقواعد المالية للمنطقة. وقال الوزير في مقابلة مع صحيفة كروير "لو كانت لدينا هذه القاعدة لكنا قد حددنا بالفعل تداعيات تطبيقها". جاء ذلك ردا على سؤاله عن عضوية اليونان المتعثرة ماليا في منطقة اليورو. من ناحيته قال المستشار النمساوي فيرنر فايمان إن تصريحات وزير الخارجية لا تمثل موقف الحكومة محذرا من أن التداعيات السلبية لانهيار منطقة اليورو تفوق أي فوائد للدول الأعضاء بشكل منفرد.