استبعد محللون دوليون إقدام إدارة الرئيس باراك أوباما على فرض حظر طيران على أجزاء من سوريا التي تشهد ثورة شعبية واقتتال بين جيش النظام السوري والجيش السوري الحر، وأرجع المحللون في حديثهم ل"الرياض" السبب إلى عاملين الاول يتعلق بالانتخابات الاميركية التي تأخذ منعطفاً حرجاً وتنافساً محتدماً بين المرشحين الرئيس أوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني، أما السبب الثاني فأرجعه الخبراء إلى قدرات النظام السوري الدفاعية الجوية المدعومة بالتكنولوجيا الروسية. لكن الدكتور مارك كاتز زميل مجلس سياسة الشرق الأوسط في واشنطن يرى أن الولاياتالمتحدة لو قررت القيام بذلك فإن الطائرات الاميركية ستقوم بذلك بنجاح من خلال القواعد الاميركية الموجودة في تركيا أو بواسطة حاملة طائرات قبالة السواحل السورية. موضحاً احتمالية مناقشة هذا الموضوع عندما تزور هيلاري كلينتون تركيا. من ناحيته أشار الدكتور عبدالحميد صيام استاذ العلوم السياسية ودراسات الشرق الاوسط في جامعة رتغرز الاميركية إلى أن تصريح نائب رئيس مجلس الامن القومي بشأن فرض منطقة حظر طيران على سوريا يزيد من ضبابية الموقف الاميركي، معتبراً ان احتمالية فرض منطقة حظر طيران منخفضة للغاية. وأضاف هذا موضوع من الصعب مناقشته وتنفيذه خصوصاً إذا علمنا بأن النظام السوري يمتلك أنظمة متقدمة مضادة للطائرات قادرة على تتبع وإسقاط الطائرات الغربية. وعزز الدكتور صيام وجهة نظره برأي كين بولاك الباحث في معهد بروكينغز والخبير بشؤون الاستخبارات الاميركية والذي يعتقد أن سوريا لن تشهد تدخلاً أجنبياً في القريب العاجل بما في ذلك فرض منطقة حظر جوي. ولفت الدكتور صيام في تصريح ل"الرياض" إلى أن قرار فرض منطقة حظر جوي يحتاج إلى قوة جوية هائلة لتطبيقه. وهذا يؤدي تدريجيا إلى مواجهات عسكرية مع القوات النظامية السورية التي تمتلك إمكانيات دفاعية عالية مقدمة من روسيا وإيران. وأضاف بمجرد سقوط طائرة أميركية واحدة أو مقتل او أسر أحد العسكريين الأميركيين ستنعكس الحادثة على الوضع الداخلي الأمريكي في الجزء الأخير من سنة انتخابية مفتوحة على كل الاحتمالات حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب شديد في حظوظ الفوز لكل من الرئيس باراك أوباما ومنافسه العنيد ميت رومني. ولفت الدكتور صيام إلى أن نقاشات كلينتون مع القيادة التركية بمثابة جس نبض حول طرق دعم المعارضة السورية لتمكينها من الصمود والإطاحة بالرئيس السوري من الداخل اعتماداً على قواها الذاتية وبدعم لوجستي من الخارج بما في ذلك التسليح. مشيراً إلى أن قرار حظر الطيران فوق سوريا في حالة اعتماده من حلف الناتو (حيث تعتبر تركيا أحد أعضائه الرئيسيين والفاعلين) سيكون طبعا خارج إطار الشرعية الدولية الممثلة في مجلس الأمن ما سيثير سخط الكثير من الدول الأعضاء وخاصة روسيا والصين وسيكون رد فعل تلك الدول اتخاذ خطوات علنية وجريئة وكبيرة في دعم النظام وتسلحيه ومده بالعتاد والتكنولوجيا المتطورة بحيث تبدو الحرب وكأنها بين الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة والكتلة المؤيدة للنظام وعلى رأسها روسيا. وسيظهر بشار الأسد بمظهر القائد الوطني الذي يتصدى للغطرسة الأميركية ويدافع عن بلاده ضد عدوان خارجي. ويذهب الباحث في المعهد الملكي البريطاني مايكل ستيفنز في تصريح ل"الرياض" إلى أن احتمالية تطبيق حظر جوي منخفضة للغاية. واضاف هذا موضوع من الصعب مناقشته وتنفيذه وخصوصاً إذا علمنا بأن النظام السوري يمتلك أنظمة متقدمة مضادة للطائرات قادرة على تتبع وإسقاط الطائرات الغربية. بل إن هناك معلومات غير مؤكدة بامتلاكه نظاما متطورا معروف بأسم (S300). معتبراً فرض سوريا كمنطقة حظر جوي هي مسألة في غاية الخطورة وتحمل تهديداً كبيراً للمعنيين بهذا الأمر. مشيراً إلى أن تركيا لا تمتلك طائرات قادرة على مواجهة أنظمة الدفاع الموجودة حالياً في سوريا، وأنه على الرغم من أن الولاياتالمتحدة تمتلك مثل هذه الطائرات لكن ليس من المرجح القيام بمثل هذه المخاطرة. مرجعاً سبب ذلك إلى الانتخابات الاميركية التي ستتأثر بذلك في حال تم إسقاط أحد المقاتلات الأميركية ومقتل طيارها في سوريا. لافتاً في الوقت ذاته إلى أن فرض منطقة حظر طيران هو شكل من أشكال الحرب وسيكون تأييد مثل هذا القرار من مجلس الأمن الدولي أمرا غير قانوني، فقد تم إقرار إلزامية موافقة مجلس الأمن الدولي على مثل هذه القرارات بعد ما حدث في الحرب الماضية على العراق. مضيفاً في هذا الاطار "لا بد من إبقاء مثل هذا الخيار مفتوحاً وقابلاً للنقاش لأنه يعطي الولاياتالمتحدةالأمريكية القدرة على تصعيد الأمور إذا لم يكن هناك أي تحركات لاحتواء الأوضاع من قِبل الجانب السوري خلال الفترة القادمة". وأوضح الباحث ستيفينز إلى أن مثل هذا الموضوع (فرض حظر الطيران) يجب مناقشته بين الجانبين الأميركي والتركي إذا ما وصلت الأمور بالفعل للمستوى العسكري. مذكراً أن قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) تدير عمليات عسكرية من قاعدة "إنجرليك" العسكرية في تركيا بالقرب من منطقة "أضنه" حيث تم هناك تطوير التواصل بين الولاياتالمتحدة وتركيا بشأن المسائل العسكرية والدفاعية فيما يخص حماية المجال الجوي التركي وتمت مناقشة خطة طوارئ لمواجهة أي احتمال قبل وصول وزيرة الخارجية الأميركية إلى هناك. وستتحول الأمور إلى مناقشات وقرارات سياسية يجب تسويتها بين الولاياتالمتحدةالأمريكية و تركيا.