كل مدمني «حرب النجوم» الذين انتظروا على مدى أسابيع أمام صالات العرض حاملين سيوفهم المضيئة بالطاقة الكهربائية المصنوعة هنا على الأرض، جاءهم في النهاية الفيلم الذي يستحق عنادهم ومثابرتهم. الزخم هو أقوى في «انتقام السيث - الحلقة الثالثة» الحلقة السادسة والنهائية لملحمة المجرات التي صنعها جورج لوكاس - والتي تمثل عودة ميمونة للأفكار والروحية لفيلمه الأصلي «حرب النجوم» ككماشة ثقافية لموجة البوب قبل 28 سنة. لقد اكتملت الحلقة، كما تحب شخصيات لوكاس ان تقول، فيما يأتي معظم متعة الفيلم من مشاهدة كل تلك الأسماء والأحداث المألوفة تتموضع في أماكنها. وكم هو مريح للنفس ان نرى أناكين سكايووكر الشاب (هايدن كريستنسن) يتأرجح على الحافة التي تفصل بين الخير والشر، وان نرى ما هو الشيء الذي يدفع الطامح لأن يصبح «المختار» نحو الجانب المظلم لل «فورس». وأنه لاكتشاف رائع وصغير عندما يتلقى أناكين اسم دارث فادير فور ان يقسم يمين الولاء للمستشار «بالباتين» الذي يكشف عن نفسه هنا باسم دارث سيدياس، أحد أسياد السيث الذي سيصبح في النهاية الامبراطور الشرير. (وكل الكلمات الأخرى التي ترشح من فم ايان ماكديارميد ستجعلك تشعر أنك اتسخت وبت تحتاج إلى الاستحمام أيضاً). غير ان اللحظة التي كنا ننتظرها جميعاً يجب ان تعاش داخل صالة مليئة بالحضور. عندما يتم وضع الأقنعة وتخلع الخوذ ويأخذ أناكين أول نفس خشن له كدارث فادير بكل أمجاده القاتمة اللامعة ولن تسمع أنفاس أي شخص آخر، فيا له من منظر آسر). والتصوير يتميز بقوة هنا خاصة إذا قورنت بالحلقتين الأولى والثانية اللتين كانتا مخيبتين. فبالعودة إلى الوراء تبدو الحلقتان الاستباقيتان ل«حرب النجوم» أكثر تفاهة بحوارهما المتعثر ومعارك المستنسخين. وقدم أقدم لوكاس على خطوة حكيمة هذه المرة بتركيزه على المبارزات الطاحنة بالسيوف المضيئة - بين اناكين ومعلمه أوبي - وان كينوني (ايون ماكريغور) ضد زعيم السيث كاونت دوكو (كريستوفر لي)، وفي النهاية بين اناكين وأوبي - وان نفسهما. ويأتي بعض الإثارة من «يودا» (الصغير) زعيم الجيد أي الذي وصل إلى ذروة قوته هنا. انه يسبب ضرراً كبيراً بحملة حسنة الاختيار ومقلوبة البنية، أو بتشنج خفيف على وجهه الدائري الأخضر، مثلما يفعل بكل ضربة من ضربات سيفه المضيء. غير ان النص الذي كتبه لوكاس لا يزال عشوائياً وخاصة خلال الأحاديث بين أناكين وعروسه السرية السناتورة بادمي اميدالا (ناتالي بورتمان) التي تعلن في الحلقة الثالثة أنها حامل (بتوأمين عرفناهما باسم لوك ولايا في «الحلقة الرابعة» فيلم حرب النجوم الأصلي». «انك جميلة جداً، يقول أناكين حالماً لبادمي فيما هي «تمشط شعرها الأسود الطويل في ضوء القمر على الشرفة، فترد هي: «فقط لأنني غارقة في الحب». وشكراً لوكاس لأنه لم يثقل كاهلها بغطاء ثقيل للرأس والألبسة الملفتة التي ارتدتها في الحلقتين الأولى والثانية والا كانت ستعجز عن النهوض والتحرك في أرجاء المجرة. إلاّ ان حبه ذاك لبادمي هو جزء من الوحي الذي حمله على التحول. ولا نريد هنا ان نكشف النقاب عن المزيد، ولكنه يصبح مقتنعاً بأن بادمي تواجه خطراً وان الطريقة الوحيدة لإنقاذها هي القوة التي يكتسبها بعضويته في الجانب المظلم. إنما الحقيقة انه مجرد ألعوبة في يدي بالباتين - دارث سيدياس، الذي يريد ضم «جمهورية المجرة» إلى امبراطوريته الخاصة ويعتبره مجرد متدرب ساذج قابل للتحكم به، خاصة بالنظر إلى ان أناكين لا يحظى بالاحترام والسلطة اللتين يتوق إلى الحصول عليهما من مجلس الجيداي. وينبه يودا أناكين: «درب نفسك على التخلي عن كل ما تخشى ان تفقده». إلاّ أنه تأخر كثيراً، وتعرف انه قد سبق السيف العذل، وهذا التوقع الضمني هو الذي يجعل «انتقام السيث» آسراً وأخاذاً إلى هذا الحد. غير أنه فيلم رائع من الناحية البصرية فلوكاس يستخدم التكنولوجيا الرقمية باستفادة أعظم بكثير مما فعله في الحلقتين المسبقتين الأوليين حيث كان لكل شيء المظهر البراق والمصطنع لألعاب الفيديو. فضوء النهار النقي يتسلل إلى شقة بادمي من النوافذ الواسعة ومنظر المدينة يتألف من ناطحات السحاب الفضية والغروب الذهبي. وحتى تشيواباكا وأصدقاؤه ال «ووكي» يبدون أحياء وهم يتراكضون متقاتلين على شواطئ الكوكب «كاشيك» وفي أدغاله. واضح تماماً ان هذا الفيل يمثل احتجاج لوكاس على الحروب - أوبي - وان يقتل أحد الشخصيات ببندقية بعد ان يسقط سيفه المضيء من يده، ثم يقول لاحقاً: «لقد كان عملاً غير حضاري». إلاّ أنه، في جوهره هو أوبرا صابون، مثلما كان على الدوام. تذكر ما يقوله دارث فادير للوك سكايووكر: «إنني والدك»، وذلك في وطيس المعركة في «الامبراطور يرد الصاع صاعين». والحلقة الثالثة يقدم مونتاجاً متسارعاً ومتوازياً هو من كليشيهات البرامج التلفزيونية: ولادة طفل وعملية معقدة. ولكن رغم ناحيته الدرامية وظلامته، يقدم لنا لوكاس بعض اللحظات الخفيفة أيضاً. فهو يقحم لمحات من جار جار بينكس المغضوب عليه، قرب نهاية الفيلم، ومع ان غانغن الأهبل الضخم لا يقول أي شيء فإن وجوده يبدو انه آخر محاولة للوكاس للغمز من قناة الأخصام - وتذكير في آخر فيلم وداعي له أنه، بعد حوالي 30 سنة من فيلمه الأول، لا يزال يصنع أفلامه حسب طريقته.