انتقد اقتصاديون ومستشارون التصريحات التي تطلقها مؤسستا التأمينات والتقاعد ، حول التقاعد المبكر، حيث ترى أنه يضر بصناديق التقاعد والتأمينات خاصة وأن معظم دول العالم لا يوجد فيها ما يعرف بالتقاعد المبكر. وأوضح الاقتصاديون أن التقاعد حق اصيل للمشترك، وسيبقى كما هو لاعتبارات كثيرة، أهمها متوسط عمر الإنسان في السعودية، إضافة إلى الحاجة الملحة لتوفير وظائف جديدة للشباب والشابات الذين يمثلون النسبة الكبرى من السعوديين . وقال لاحم الناصر مستشار المصرفية الإسلامية، أن التقاعد فرصة للإحلال الوظيفي وإيجاد فرص عمل للشباب السعودي، خاصة وأن المجتمع السعودي غالبيته من الشباب، وهو ما يتماشى مع خطط الدولة وطلائع المبتعثين التي بدأت بالعودة إلى الوطن، والذين سيبحثون عن فرص عمل بعد دراستهم في الخارج. وبين الناصر أن التقاعد المبكر فرصة لضخ دماء جديدة، بدلا من الطاقات التي شاخت أو تلك التي لم تطور نفسها، مشددا على ضرورة أن تشجع الدولة على التقاعد المبكر، وذلك حتى لا يفقد المجتمع طاقات شبابية يمكن أن تساهم في التنمية والنهضة. كما أكد لاحم الناصر على التوجه نحو منع التقاعد المبكر وإن كانت كأفكار مطروحة، فإنه يجب أن يتوقف عندها وينظر في الجوانب الاجتماعية والسياسية للمملكة، وهي التي أكد عليها خادم الحرمين الشريفين والمتمثلة في توفير فرص الرفاهية للمواطن، وفتح مجالات عمل للشباب. وبين الناصر أن الحديث عن منع التقاعد المبكر ربما أنه بسبب ما تواجهه صناديق التأمينات والتقاعد من التزامات قريبة، وقد تكون التنبؤات والأرقام الخاصة بها غير دقيقة ولم تكن واضحة للجميع . في المقابل، يرى الخبير القانوني عبدالله السعد أن العقود شريعة المتعاقدين، وطالما أن التأمينات الاجتماعية ضمنت نظامها التقاعد المبكر الذي يستحقه المشترك بعد 25 سنة من العمل، فيجب أن يكون هذا الشرط نافذا ولا يحق للتأمينات تغييره أو إلغائه من طرف واحد، وبما يضر بمصلحة المشترك. ويمكن للتأمينات أن تسن نظاما جديدا يطبق على المشتركين الجدد، وإن كنت أرى أن مثل هذا النظام لو طبق فسيخلق تمييزا بين المشتركين. وأضاف السعد أن الشروط والمزايا التي تقدمها التأمينات لمشتركيها ليست عرضة للتغيير من طرف واحد، وإن تسلحت تلك المؤسسات بقرارات إدارية داعمة، فمثل هذه الأمور تخضع للنظام والقانون الذي يحكمهما الشرع، ومن حق المتضرر من المشتركين أن يلجأ إلى القضاء في حال تعرضه للظلم من أي مؤسسة حكومية، في حال عدم حصوله على الإنصاف منها؛ فلا يمكن أن تتصرف المؤسسة باستقلالية وبما يحقق لها المصلحة بمعزل عن مصلحة الطرف اللآخر وهو المشترك، ودون الحصول على موافقته. وبين أن أي تعديل على نظام التأمينات او التقاعد يجب أن يحصل على موافقة المشتركين طالما أنه سيقلص من منافعهم، أو سيعرضهم للضرر والإجحاف؛ وتقليص المنافع يستوجب موافقة طرفي العلاقة لأنهما أمضيا العقد الذي بموجبه تخصم الاقساط الشهرية من راتب الموظف مع الوعد بتقديم المنافع المعلنة حال إستحقاقها كراتب التقاعد، أو التقاعد المبكر، أو راتب العجز الكلي، وغيرها من المنافع.