هل تفضل أن تعرف ما يسوؤك لو عرفته أم أن تظل على جهل به ؟ وهل لو بقيت على جهل بأمور داخل محيطك الشخصي تصبح مغفلاً أو مستغفلاً ؟ أتعرفون ما هو الغباء كما أعرفه ؟ أن يسعى امرؤ إلى قلب راحته بيده وأن يعتبر نفسه وصياً على الآخرين بدون وجه حق وبدون تفويض عرفي أو شرعي بذلك .. ليس لأنك زوج ولا لأنك زوجه فيحق لأي منكما تجاوز مساحات الخصوصية لدى الآخر، لم تتسلم يوم عقدت قرانك - ولم تتسلمي - وثيقة ملكية الطرف الآخر، ولن تغيّر أو تغيّري بسعيك الدائم لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عن الطرف الثاني، انه كائن قائم بذاته كانت له حياة كاملة وتاريخ طويل قبل أن يلتقي بك وان هذا التاريخ فيه من المشرفات ما حكاها لك وفيه من المخزيات ما حجبها عنك وفيه من الضعف الإنساني ومن التجبر ومن الشيطان ومن الملائكة .. لا وأزيدك من الشعر بيتاً هذا الكائن بعد الزواج سيظل أيضا بنفس الصفات البشرية التي ارتبط بها .. سيظل فيه قوة وضعف، تسامق وتدانٍ، تكبّر وتواضع .. نفس تواقة شابة ونفس عازفة عجوز، عنفوان وقوة وخذلان وضعف.. لأنها ببساطة التركيبة الفريدة للبشر، تركيبة خلقها الله من طين ونفخ فيها من روحه فهي خليط معجز من الطين والنور لا يمكن أن تضعه داخل برواز وتحكم إغلاق بروازك وتستريح .. بل إنك أنت أيضا كذلك ومن يدعي انه كتاب مفتوح أمام شريكه ويطالبه بالمثل فهو كاذب أو مدّع أو ملاك يمشي على الأرض ! وعودًا على بدء .. إذا كانت حياتك مستقرة وأوضاعك معقولة وشراكتك تسير في طريق معبد قد يشوب تصميمه بعض العوار لكنه لا يزال سالكاً وعابراً ويمضي .. فلماذا تمسك بيدك معولاً أخرق لتشوه به طريق الحياة فتحدث ثقباً هنا ومطباً هناك وحفرة هنا وتشويها هناك من أجل أن تعرف .. ألا يمكنك أن تخمن أن كل ضربة معول في طريق المعرفة - التي ليست من حقك أصلاً - هي ضربة بذات المعول لأمنك واستقرارك وراحة بالك ؟ أعرفها جيداً كانت وزوجها الشاب المحب وابنتهما الصغيرة نموذجاً فريداً لأسرة صغيرة سعيدة يبذل كل منهما فيها وسعه لتمكين أركانها وإسعاد الآخر، حتى خطر لها في ليلة بلا قمر أن تفتش جواله وتقرأ رسائله المتبادلة، وبينما كان يخطط لهما رحلة مستقبل مدهشة كانت هي تفتح ملفات موصدة وتقرأ رسائل خاصة مع ماض يحاول إحياء نفسه، وقبل أن يعود الزوج باحثاً عن جواله الذي نسيه كانت قد أغلقته ووضعته مكانه لكنها لم تعد كما كانت ولم تعد تصرفات الزوج المحب نعمة ولا تبسمه في وجهها محبة، صار فجأة عدواً وامتلأ صدرها بالغضب وواجهته ولم تقبل مبرراته ولم تقتنع بأنها مجرد حدث عارض وارد الحدوث مع توسع شبكات التواصل و العثور على أسماء كانت قد انطوت مع مرور الزمن .. انهار كل شيء وأُسقط في يد الزوج فأعلنها متحدياً - لإثبات رجولته - انه وجد نفسه مازال يحب الأخرى وانه يتمنى لو يكمل معها مشوار حياته .. وهكذا بكل بساطة انهار البيت الجميل .. صحيح .. إلا الحمق .... أعجز من يداويه !