كل عام وأنتم بخير... رمضان زمن وليس مكاناً ، فالزمن متغير والمكان ثابت ، فالتوقيت لا تستطيع قوة بالأرض ولا في السماء أن تتحكم في تتابع ساعاته ولياليه إلا قوة الله سبحانه وتعالى آية إعجاز تعجز عن إدراكها العقول المتوقدة ذكاء وحكمة...، وإن عرفت هذه العقول الماضي واستشرفت المستقبل بسلطة العلم ، فلن تعرف سر زمن المستقبل ونهايته ، ولن يتجرأ على ذلك إلا المنجمون ،فكذبوا وخاب من صدقهم . ومن حكمة الله ورحمته بعباده أن جعل رمضاناً زمناً متجدداً بانتهائه وبدايته ، ليجزي المحسنين ويمنح لمن يشاء من عباده المقصرين فرصة جديدة ، رحمن رحيم عظيم ، يعطينا من رحمته ويعاقبنا من رحمته فينا أيضا، يمتلكني شعور الآن أثناء هذه الكتابة إن الله أكبر من كلمة عظيم ، التي اسمعها مرة تصف أشياء ومرة تصف أشخاص ، ولم يهدأ اضطراب الشعور بداخلي إلا بصفة " ليس مثله شيئا" ، سبحان الذي تعاظم في كل شيء وعلى كل شيء ، وتزاحم على أبواب رحمته الضعفاء والمحتقرون بدون إذن من المستكبرين والطغاة الظالمين . الشعور بالزمن شيء يخيفني جدا ، فالحياة ينتظرها زمن سرمدي لاحد له (الآخرة)، زمن قريب بعيد ، ومعلوم وغير معلوم ، يفاجئنا ولا نستطيع أن نفاجأه ، وكأننا في هذه الحياة الدنيا نعيش في فوضى وجود، نردد بها مرات عديدة وبضعف إن دار الآخرة هناك بعيدة ذهبت أجيال وتبعتهم أجيال ومازالت تلك الدار هناك ، وبرحلة استغراقنا المطمئنة ببعد النهاية ، نستيقظ على حقيقة نعرفها كل المعرفة أن النهاية البعيدة تقربها لنا نهايتنا القريبة (الموت) . رمضان ينتهي ليعود وكذلك عمر الإنسان ينتهي ليعود ولكن شتان بين العودتين ، عودة رمضان تبقى بدايات تنتهي بنهاية الدنيا الأولى ، وعودة الإنسان عودة خالدة، من هذه الحركة السريعة و المنتهية والدائمة نتذكر رمضان وحياتنا معه ، فهل نستفيد من عمره القصير من أجل حياتنا الدائمة في دار الآخره ، أم نضيعه لنرضي غرور حياتنا القصيرة . فرمضان شهر القرآن ، وليس شهر المسلسلات الدرامية، شهر الأعمال الدائمة، وليست الزائلة ، وبما أننا لا نستطيع أن نوقف المسلسلات في قنواتها ، لكننا نستطيع أن نوقف المسلسلات من قنوات أرواحنا ، التي يجب أن نملأها بالأعمال التي سوف تساعدنا في رحلتنا المتوجهة بنا إلى المكان الثابت والزمن الثابت.