عبدالعزيز المحمد الذكير قال شاعر: غِب وزر غبّا تزد حبّا فمن أكثر الترداد أضناه المَلَلْ وناقضه شاعر آخر فقال: - إذا حققت من خلّ وداداً فزره ولا تخف منه ملالا وكن كالشمس تطلع كل يوم ولا تك في زيارته هلالا ويبرز للعيان أن البيتين الشعريين الأخيرين يستحيل تطبيقهما عملياً في الوقت الراهن فالجاري حالياً أن يتأكد المرء من وجود من يريد زيارته، ثم يأخذ موعداً، ويحضر في الموعد. وكانوا في السابق يجلسون على عتبة الباب الخارجية، أو على «الدكة» بأسلوب أهل الحجاز وسكانه وكذلك «المركاز» بالمقاهي الشعبية، ولا حاجة للمرء بأن يأخذ ميعاداً فالعتبة واضحة وكذا المقهى، فكل شيء معد بحيث يمكن ارتياده مباشرة وليس من خلال موعد مسبق. ولعل السبب في هذا الجفاء صعوبة الوصول والتباعد الجغرافي وزحمة الطرق وانشغال البشر في هموم تأخذ أوقاتهم ومخاطر الطرق والعم "ساهر". والضيافة أو إكرام الوفادة لا تتعدى الترحيب وفنجال قهوة يتبعه الشاي. وثمة عادة كانت موجودة عند أهل نجد وهي «القهاوي» وليست بالمعنى المعروف بالحجاز، بل كانت جزءاً من البيت للاستقبال وإعداد القهوة، وبعض الأعراب لا يعتبر حركات المضيف بالمعنى المقبول ما لم يصنع أو يحضّر القهوة أمامه. ظاهرة متبعة وجديدة نوعاً ما في الرياض. وهي أن البعض يخصص يوماً معيناً لاستقبال الأصدقاء بعيد صلاة المغرب. وهذا لا يجعل الزائر يحتاج إلى موعد. ويُسميه الدارسون في الخارج Open House أي المنزل المفتوح. والزائر لا يحتاج الإذن. وهذا في رأيي ظاهرة ممتعة ومسلية ونوع من التواصل. ف.. فلان يجلس الثلاثاء، وآخر يجلس الخميس، وأكثر الجلسات التي أعرفها تنتهي بأذان العشاء. وشاعت عند أهل الكويت ظاهرة الديوانيات، وهي مناشط استقبال في أغلب الحارات. وقلما تمر ليلة دون وجود ديوانية أو أكثر مفتوحة في نفس الجوار الجغرافي. ومع أنها كانت مُلازمة لتاريخ الكويت الاجتماعي، إلا أن أهميتها (الديوانية) نمت في السنين الأخيرة بشكل لافت. وأصبحت الديوانية جزءا من المواصفات الإنشائية لمنازل الكبار من موظفين وتجار.