ربما تكون الإجراءات البيروقراطية وتعارض صلاحيات الجهات المختصة، وتراخي بعضها وراء تدهور علاقة العمالة المنزلية بالمملكة خلال العامين المنصرمين، وأيا يكن السبب الحقيقي وراء تدهور سوق الخادمات في المملكة، فإن الوضع اليوم قد بلغ ذروته من حيث جفاف السوق من العاملات النظاميات، ما أدى إلى تهافت المواطنين على العاملات المقيمات بشكل غير نظامي، ووصل برواتبهن إلى مستويات قياسية. وفيما يرى مراقبون أن ذلك يأتي تتويجاً لفشل بعض الجهات في التفاوض مع الدول الأساسية المصدرة للعمالة المنزلية، رأى حقوقيون أن امتناع دول بعينها عن تصدير عاملاتها إلى المملكة بحجة عدم ضمان الحصول على حقوقهن، أمر يمس بيئة العدالة في المملكة، وسمعتها في الخارج. وفي الوقت الذي قالت فيه وزارة العمل انها وجهت الدعوة عن طريق وزارة الخارجية للطرفين الأندونيسي والفلبيني لزيارة مسؤولين منهما إلى المملكة والتوقيع على اتفاقية جديدة تنظم عملية استقدام الخادمات من البلدين، يرى مراقبون أن وزارة العمل هي التي بيدها القرار من حيث التوقيت، ومدة إيقاف الاستقدام. الواقع الحالي وفي تعليقه على واقع حال العمالة المنزلية في المملكة، قال المحامي أسامة العبداللطيف إن إحجام أربع دول عن إرسال عمالتها المنزلية إلى المملكة يمس بيئة العدالة في المملكة، مشيراً إلى أن العدالة في البلاد أفضل حالاً مما ما قد يوحي به إحجام دول عن إرسال عمالتها إلى الرياض. وأشار إلى العاملات اللاتي قد لا يحصلن على كامل حقوقهن لا يمثلن رقماً يمكن أن يصل بالأمور إلى ما وصلت إليه من عملية المقاطعة والامتناع عن إرسال العمالة، مؤكداً أن ذلك يعتبر فشلاً في إدارة الأزمة، مما ساهم في تعريض سمعة بيئة العدالة في المملكة إلى هذا الموقف. وشدد على أن هناك مواطنين في المقابل تضرروا من العاملات المنزليات سواء الهاربات اللاتي كلفن مواطنين مبالغ طائلة، أو أولئك الخادمات اللاتي ارتكبن جرائم جنائية سواء سرقات أو إيذاء أطفال. وعبر العبداللطيف عن مخاوفه من أن تكون أزمة استقدام الخادمات من أندونيسيا والفلبين مفتعلة، وأن الهدف منها كان تجفيف السوق إلى الحين الذي تطلق فيه أولى شركات الاستقدام، وطالب بأن يكون التنظيم الجديد صارماً وواضحاً ويحفظ حقوق العمالة والمواطن على حد سواء. تجربة شركات الاستقدام من جانبه شكك عبدالله الحمود الباحث في مجال الاستقدام في نجاح تجربة شركات الاستقدام، وعزا ذلك إلى أن مسألة تأجير الخادمات قد لا تكون متاحة كل الوقت لدى الشركات، فقد لا تجد خادمة واحدة للتأجير، كما أنها إن توفر تلك الخادمة فإنها ستكون قد خدمت قبل أن تأتيك لمدة معينة في بيئة، وربما لدى عائلة أخرى ليس لديها أعمال كثيرة، وربما لن تجد لديك المكان المناسب للراحة والخصوصية التي وجدتها في أماكن أخرى، مما سيجعلها تتململ بحثاً عن أسرة أخرى لديها ظروف مختلفة، وبالتالي ستخدم على مضض، وربما ترفض العمل لديك هي بحثاً عن تلك الظروف. وقال على المواطنين ألا يستبشروا خيراً بوجود الشركات، وألا يفرطوا في التفاؤل، نافياً أن تكون الشركات تمثل فتحاً في مجال الاستقدام، وأكد أنه يعتقد أن نسبة نجاح التأجير لا يتعدى ال 30% في تقديره الشخصي، وحمّل الحمود غياب نظام خاص بخدم المنازل مسؤولية اضطراب استقدام هذا النشاط من الاستقدام.. وقال إنه يحمل وزارة العمل عدم إصدار نظام خاص بخدم المنازل من أكثر من عقدين من الزمن بالرغم من الحاجة الماسة إليه. من جهة أخرى قال الحمود ان العاملات المنزليات اللاتي لا يحصلن على حقوقهن من كفلائهن بشكل طبيعي لا تتجاوز نسبتهن ال10%، وهي نسبة كان يمكن احتواؤها ومعالجتها دون أن تتفاقم الأمور إلى الحد الذي مس سمعة المملكة وطبيعة أنظمتها، وعرض مواطنينا لخسائر كبيرة.