قال الشاعر عبيد الرشيد: ناتي مع اول سربة (وقم) الالفين كن الشهر به ديدحان المسايل و(الشهر)المقصودة في هذا البيت: جمع شهرة؛ وهي ما يتخذه شجعان الفرسان من علامات واضحة يتميزون بها بعين الفرسان لإبراز مكانتهم بين الفرسان يعرفهم بها أعداؤهم وهي في الأغلب جوخة حمراء يلبسها الفارس اثناء مواجهته المعركة ضافية اردانها على قطاة فرسه وقد تكون بلون آخر، هنا الفارس يشهر نفسه لتعرفه الناس في موقع الطعان والنزال بطريقة قد تكون ضريبتها الموت، فهذه الشهرة المحمودة التي كان العرب يفاخرون بها في زمن لم يكن لوسائل الإعلام التي نراها اليوم أي وجود. أما طرق الشهرة والبحث عنها اليوم فهي مختلفة جداً ولكنها جميعاً تدور حول محور وسائل الإعلام التي تصنع النجوم وتسلط الأضواء العجيبة والغريبة لدرجة أنه ربما يشتهر إنسان بما ليس فيه أصلاً فربما أصبح الشحيح أكرم من حاتم الطائي والرعديد أشجع من عنترة وشعراء الهزاريف أشعر من أصحاب المعلقات، وربما أنه لا أحد يكره الشهرة لأنها الطريق الشعبي الأبرز للاعتراف بالجدارة أو الإشارة إلى أن فلاناً أو علاناً إنسان مرغوب فيه وله مُعجبون ومعجبات يتابعون أخباره أول بأول بسبب بروزه في ذلك الجانب أو ذاك. ولأن الشهرة دائماً ما ترتبط بالأضواء فقد ذكر أحد الكتاب أن السعي وراءها إنما يكون أملاً في إنارة تفاصيل مُظلمة في مكنون الشخصية تكون سبباً في اللهاث وراء هذا المُصطلح اللامع وأشار إلى أنه إذا كان الفقر العام هو عدم امتلاكك للجاه أو السلطة فإن الفقر الفني المُتسبب به عدم امتلاكك لما يؤهل لإبراز مواهبك فتبدو شخص عادي لا يختلف عن منزوعي هذه النعمة الإلهية !!. فالشهرة تكون تشهيراً حينما يبحث عنها من لا يستحق الأضواء وهذا ما نراه جلياً في ساحتنا الشعبية التي بدأت فيها حمّى البحث عن الشهرة مبكراً عبر الدفع للمجلات الشعبية لتلميع شاعر معيّن ثم انتقلت إلى الأمسيات حيث عرفنا شعراء وأشباه شعراء يجلبون الجماهير للتصفيق في أمسياتهم بل منهم من يستضيف الصحفيين والشعراء الآخرين على حسابه الخاص!! في سبيل التطبيل له ثم جاءت القنوات الفضائية والمسابقات الشعرية لتكمل الناقص بإشكاليات لا تنتهي حتى وصل الأمر إلى شراء التصويت الذي ربما كان عند دول العالم الأخرى يدل على الشعبية لكنه أصبح لدينا لا يدل إلا على شراء الجماهير.. وأخيراً ما بعث إلى كتابة هذا المقال ما وصلني عبر البريد الإلكتروني عن قيام أحد الشعراء الشعبيين المشهورين!! بشراء أعضاء يضافون إلى حسابه في التويتر بطريقة ما ليقفز معجبيه خلال ساعات من خانة العشرات إلى خانة الآلاف ولكنه لم يلاحظ بعد ذلك أن جماهيره أصبحوا من الهنود والصينيين الذين لا يفهمون اللغة العربية ناهيك عن قصائده الرائعة!!.