أكد "د.عبدالله المسند" -عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا في جامعة القصيم والمشرف على جوال كون- على الساعة السابعة و(25 دقيقة) بتوقيت مكةالمكرمة من صباح يوم الخميس المقبل ستشهد حدوث الاقتران بين الشمس والقمر وتليها ولادة هلال شهر رمضان وفقاً للحسابات الفلكية الدقيقة، مشيراً إلى أن رؤية الهلال ستكون صعبة في غرب المملكة فضلاً عن وسطها وشرقها، متوقعاً أن تعلن بعض الدول عن دخول هلال شهر رمضان دون النظر إلى الرؤية المختلف فيها عند الفلكيين. وقال في حوار ل"الرياض" إن شهر رمضان يجوب الفصول الأربعة خلال (33) سنة قمرية، حيث صادف "رمضان" فصل الصيف منذ عام 1428ه بعد أن خرج منه عام 1405ه، وفيما يلي نص الحوار: ننتظر «لجنة تقصي حقائق رؤية الأهلة» دون الاعتماد على حسابات ظنية واجتهادات واهمة دخول رمضان *بدايةً متى يدخل شهر رمضان المبارك هذه السنة 1433ه؟ -وفقاً للحسابات الفلكية، والمعايير الحسابية لتقويم أم القرى فإن شهر شعبان لهذا العام 1433ه سيكون -بإذن الله- شهراً ناقصاً (29 يوماً)، ووفقاً للحسابات الفلكية الدقيقة، فإنه عند الساعة السابعة و(25) دقيقة بتوقيت مكةالمكرمة من صباح يوم الخميس (29) شعبان الموافق (19) يوليو، يحدث الاجتماع -الاقتران- بين الشمس والقمر، يليه ولادة الهلال الجديد، وفي مساء اليوم نفسه يغرب القمر في أفق "مكةالمكرمة" بعد الشمس بست دقائق، وعليه فإن الهلال سيمكث ست دقائق فوق أفق مكة وهذا عليه إجماع الفلكيين ولا خلاف فيه، هذا من جهة، ومن أخرى، ووفقاً للدراسات والتجارب العلمية والعملية العالمية فإن رؤية الهلال في تلك الظروف تكون صعبة جداً غرب المملكة فضلاً عن شرقها ووسطها، وعلى الرغم من ذلك فإن يوم الجمعة (20) يوليو متوقع أن تعلن بعض الدول العربية عن دخول شهر رمضان الكريم، لكون ولادة الهلال قد تمت، والهلال له مكثاً، بغض النظر عن الأخذ بإمكانية الرؤية المختلف فيها عند الفلكيين، بينما بعض الدول التي تشترط رؤية الهلال وفق معايير فلكية معينة، ستُدخل رمضان يوم السبت (21) يوليو، وعليه فإن وضعية هلال رمضان هذا العام 1433ه ستُكرّس الاختلاف المعتاد بشأن الهلال. أطول نهارات رمضان بالمملكة في «محافظة طريف» وأقصرها في «منطقة جازان» أحوال الهلال *صف لنا أحوال هلال رمضان مساء يوم الخميس (29) شعبان الموافق (19) يوليو؟ -بإذن الله تعالى ستغرب الشمس وفقاً لأفق مكةالمكرمة قبل القمر، وعليه سيمكث الهلال فوق الأفق الغربي لمكةالمكرمة ست دقائق، ويقع الهلال إلى اليسار من مغيب الشمس (285 درجة)، وشكله منتصب على هيئة قوس هكذا -(-، وارتفاعه عن الأفق بعيد الغروب أقل من درجة، ونسبة الإضاءة على سطحه تقدر بأقل من (1%) فقط، ووفقاً لتلك الظروف الفلكية فإن مشاهدة الهلال بالعين المجردة مساء الخميس غير ممكنة وفقاً لتجارب عالمية معتمدة وموثقة لمراقبة الهلال، وهذا مستقر عليه منذ ثمانية قرون كما قال "شيخ الإسلام ابن تيمية": "وإذا كان على درجة واحدة فهذا لا يُرى" (ج25/ ص 186)، ولكن يمكن أن يُرى عبر التلسكوب في أقصى جنوب "القارة الأفريقية" و"أميركا الجنوبية" فقط، بينما مساء الجمعة سيمكث القمر في أفق "مكةالمكرمة" نحو 47 دقيقة، وارتفاعه تسع درجات، ورؤيته ممكنه، هذا وسيكتمل القمر بدراً فجر الخميس 14 رمضان الموافق 2 أغسطس. د. عبدالله المسند اختلاف الفلكيين *بماذا ترد على التهمة الموجهة للفلكين حول أنهم مختلفون وعليه فلا يؤخذ قولهم في الحساب الفلكي؟ -أعجب من هذه العبارة، وأحسب من يقولها يخلط بحسن نية بين مسألتين الأولى إمكانية رؤية الهلال بعد الولادة فهي مسألة مختلف فيها في القديم والحديث، إذ إن ظروف رؤية الهلال لا تحسب فقط رياضياً، ولكن هناك جملة من العوامل الطبيعية، والعوامل البشرية المتعلقة بالرائي نفسه، ومن هنا جاء الاختلاف والتعقيد في المسألة؛ لدخول أكثر من عامل في تحديد رؤية الهلال، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: "فاعلم أن المحققين من أهل الحساب كلهم متفقون على أنه لا يمكن ضبط الرؤية بحساب"، بحيث يحكم أنه يرى لا محالة، أو أنه لا يرى ألبتة على وجه مطرد، وإنما قد يتفق ذلك أو لا يمكن بعض الأوقات، ولكن لا يستقيم سحب هذا الاختلاف على المسألة الثانية وهي تحديد وقت الاقتران -الاجتماع- أو ما يُسمّى بالولادة، فهذا عليه الإجماع، وهي مسألة ومعادلة مستقرة منذ أكثر من ثمانية قرون عند بعض علماء الشريعة فضلاً عن غيرهم. مكمن المشكلة *أين توجد مشكلة الرؤية بحسب تتبعك واهتمامك؟ -لا توجد مشكلة في الرؤية بحد ذاتها، فالفلكيون في السعودية -على الأقل- يعتمدون الرؤية الشرعية في دخول الشهر لا الحساب الفلكي وأؤكد على ذلك، ولكن المشكلة تكمن مع فئة معدودة من المجتهدين برؤية الهلال، يشهدون برؤيتة ليس بصرياً؛ بل حسابياً وفقاً لآلية بدائية غير علمية، والدليل على ذلك أنهم شهدوا الهلال فأعقب ذلك كسوف للشمس في غرب أفريقيا عام 1404ه، وهذا لا يصح شرعاً ولا حساباً، وقال الشيخ "ابن عثيمين" -رحمه الله- عن الحالة: "إن ذلك مستحيل حسب العادة التي أجرى الله تعالى في مسير الشمس والقمر". كما أنهم شهدوا برؤية الهلال أكثر من مرة والشمس مستترة خلف الغبار، وليس آخرها دخول شهر رمضان عام 1430ه والحالة مثبتة ومرفوعة لجهة الاختصاص، وشهدوا أيضاً برؤية هلالين في نهار واحد!، هلال آخر الشهر في الجهة الشرقية فجراً، وهلال أول الشهر في الجهة الغربية مساءً، وهذا لا يصح علمياً، إذ إن القمر لم يدخل في طور المحاق والاستسرار، وشهدوا أيضاً برؤية الهلال قبل حالة الاقتران والولادة -أي إن القمر غرب قبل الشمس- بثمان وعشرين مرة خلال الخمسين سنة الماضية وفقاً لدراسة علمية، بل إنهم في عام 1412ه شهدوا برؤية الهلال وهو غارب قبل الشمس بخمسين دقيقة!، وكل هذا تم عرضه على جهة الاختصاص للنظر في حقيقة الشهود، والآلية التي يعتمدونها ولا يعلنونها، من أجل هذا أقول للمحكمة العليا خذوا بالشهادة ولكن محصّوها وفقاً للمعطيات الفلكية القطعية؛ وستكتشفون الحقيقة ليس أكثر. اتهام باطل *إذاً اتهام الفلكيين في المملكة أنهم يريدون العمل بالحساب وترك الرؤية البصرية الشرعية اتهام باطل؟ -أحسنت، الفلكيون السعوديون لا يرون العمل في الحساب الفلكي وترك الرؤية الشرعية في مسألة دخول الشهر، لقوله تعالى: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ولكن الفلكيون ومعهم طائفة من علماء الشريعة ومنهم التابعي "مطرِّف الشخير"، و"ابن قتيبة" -من المحدثيّن-، و"أبو العباس بن سُريج"، و"تقي الدين السبكي"، و"العبادي"، والشيخ "أحمد شاكر"، والعلامة الشيخ "مصطفى الزرقا"، والشيخ "محمد بن عثيمين" -رحمهم الله جميعاً- وغيرهم كثير، يرون الأخذ بالحساب الفلكي في حالة النفي. لجنة تقصي الحقائق *قدمت مقترحاً ل"وزارة العدل" العام الماضي أسميته "لجنة تقصي الحقائق بشأن رؤية الأهلة"، إلى ماذا تدعو من خلاله؟ -لأن الجدل في الهلال العام الماضي اتخذ منحى جديداً، حيث استُخدمت فيه وسائل إعلامية، لدفع البعض إلى الاصطفاف مع أو ضد، بشكل أحدث انقساماً مزعجاً في المجتمع الواحد، عندها كتبت مقترحاً سميته "لجنة تقصي الحقائق بشأن رؤية الأهلة" ورفعته إلى وزارة العدل ملخصه يتمثل في أن طائفة من الناس تتهم الحساب الفلكي بالخطأ وأنه حساب ظني، وطائفة أخرى تتهم المترائين للهلال أنهم واهمون، وبناءً عليه عندنا قضية تهمة ومتهمين، والحل ببساطة أن تقوم الجهة ذات العلاقة بتشكيل لجنة محايدة تقوم بفحص واختبار الحساب الفلكي، وفحص واختبار المترائين وهم معرفون -خمسة أشخاص-، وتُظهر النتائج على الملأ، وعليه ننهي المشكلة، ونقطع الطريق أمام من يسعى لإثارة القضية. ترائي الهلال *ما رأيك في دعوة الناس إلى ترائي الهلال قبل حدوث الاجتماع -الاقتران-؟ -أرجو من "المحكمة العليا" أن لا تتعرض للحرج أمام الآخرين في موقفها من الحسابات الفلكية المتعلقة بالهلال، وآمل ألاّ تدعو الناس إلى ترائي الهلال قبل حدوث الاقتران -الاجتماع-، وعندما يغيب القمر قبل أو مع الشمس، وذلك أن الفلكيين كما أسلفت يُجمعون على وقت الاقتران والشروق والغروب فليس بينهم اختلاف، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والحُساب يعبرون بالأمر الخفي من اجتماع القرصين الذي هو وقت الاستسرار ومن استقبال الشمس والقمر الذي هو وقت الابدار فان هذا يضبط بالحساب"، وقال تقي الدين السبكي: "الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان"، وعليه آمل من "المحكمة العليا" أن يكونوا على قول ابن تيمية والسبكي في هذا السياق. دورة رمضان *ما آلية دورة شهر "رمضان" مع الفصول الأربعة؟ -شهر رمضان يجوب الفصول الأربعة خلال (33) سنة قمرية ليكمل دورة كاملة، فتارة نصوم في الشتاء، وأخرى في الخريف، ومرة في الصيف، ورابعة في الربيع، وهكذا دواليك، ونحن الآن نعيش رمضانات صيفية حارة.. فيها يطول النهار ويقصر الليل، وترتفع درجة الحرارة، وتشتد وطأة العطش والجوع، ورمضان عام (1428ه) هو أول رمضان يدخل في فصل الصيف بعد أن خرج منه عام (1405ه)، ودخول رمضان عام (1433ه) قد يكون يوم الجمعة أو السبت الموافق (20–21) يوليو، وهذه الحالة تشابه تقريباً دخول رمضان عام (1400ه) في (14) يوليو أي قبل نحو (33) سنة. أطول صيام *هل يوجد فروقات تُذكر في المواقيت بين مدن ومحافظات المملكة؟ -نعم؛ فمساحة السعودية شاسعة واسعة ولله الحمد، ووفقاً لرمضان القادم فإن أطول فترة صيام ستكون بأول يوم في رمضان على مستوى المملكة، وستكون الفترة الأطول في "محافظة طريف" -في منطقة الحدود الشمالية- بواقع (15) ساعة و(34) دقيقة، مقابل أقصر فترة صيام في منطقة "جازان" (14) ساعة و(22) دقيقة، بفارق ساعة واثنتي عشرة دقيقة عن "طريف"، وذلك في اليوم الأول، ويعود سبب ذلك إلى كون النهار أطول والليل أقصر كلما اتجهنا شمالاً في فصل الصيف، أيضاً مما يُذكر في هذا الشأن أن سكان "مركز الشيبة" -شرق الربع الخالي- أول الناس فطراً في السعودية، مقابل آخر الناس فطراً في "مركز الشيخ حميد" -أقصى الشمال الغربي من المملكة-، بفارق يبلغ نحو ساعة و(26) دقيقة بين شرق المملكة وغربها.