كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الجمعيات التعاونية الزراعية، وعن قصور دورها في تلبية احتياجات المزارعين بدءاً من تأمين مستلزمات الزراعة و الإنتاج و انتهاء بالتسويق. حاولت «الرياض» في هذا التحقيق أن تتتبع واقع الجمعيات التعاونية المعنية بالنشاط الزراعي، والمتواجدة حالياً في المملكة ككل. وكانت البداية حصولنا على تقرير متكامل من وزارة الزراعة عن ماهية هذه الجمعيات «تعريفها، تاريخها،نظامها، ومعوقات عملها».. ومن ثم نقرأ معطيات تقرير آخر عنها في ظل الواقع المعاش حالياً.. بكل شفافية. في نظرة عامة إلى تاريخ ونشأة الجمعيات التعاونية في المملكة يتحدد تعريف الجمعيات التعاونية بكونها مؤسسات اقتصادية، راس مالها و إدارتها في أيدي أعضائها المساهمين، هدفها مد أعضائها بالسلع والخدمات، أو تسويق هذه السلع والخدمات، وعضوية هذه الجمعيات التعاونية مفتوحة لمن يرغب في الانضمام إليها طالما توفرت فيه شروط العضوية. بدأت الحركة التعاونية في المملكة بشكلها الرسمي بصدور نظام الجمعيات التعاونية بالمرسوم الملكي رقم 26 وتاريخ 25/6/1382 ه، وهو نظام موحد لجميع الجمعيات التعاونية كما صدرت لائحة خاصة بإعانات الجمعيات التعاونية بقرار مجلس الوزراء رقم 419 وتاريخ 10/5/1398 بالإضافة إلى صدور اللائحة الأساسية للجمعيات التعاونية بعد موافقة معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك بتاريخ 5/1/1409 وهي الجهة المسؤولة رسمياً عن الجمعيات التعاونية. تنقسم الجمعيات التعاونية العاملة بالمملكة من حيث النشاط الرسمي إلى ستة أقسام رئيسية تشمل:(جمعيات متعددة الأغراض - جمعيات زراعية - جمعيات استهلاكية - جمعيات لصيادي الأسماك - جمعيات مهنية - جمعيات تسويقية). ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية (153) جمعية معظمها متعددة الأغراض.. يتم خدمة القطاع الزراعي بالمملكة من خلال (20) جمعية تعاونيه زراعية بالإضافة إلى عدد 23 جمعية تعاونيه متعددة الأغراض تمارس أنشطة زراعية ضمن أنشطتها وهناك جمعية تعاونيه تسويقية واحدة. وفي نظرة تفصيلية إلى واقع الجمعيات التعاونية الزراعية حالياً استطاعت «الرياض» الحصول على تقرير مفصل يغني عن كل تعليق من قبلنا.. نستعرضه فيما يلي: ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بالقويعية كل المعلومات المتوفرة عنها أنها (متوقف نشاطها حالياً وجاري اتخاذ اللازم لتصفيتها)! ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بالصفوى (متوقفة عن العمل حاليا)! ٭ الجمعية التعاونية بالأفلاج / تمارس بعض الأنشطة، لكن من مشاكلها (عدم موافقة شركة سابك لبيع الجمعية الأسمدة، وكثرة مؤسسات النقليات المنافسة، وعدم تعاون المزارعين والمساهمين مع الجمعية، وعدم وجود مقر للجمعية، ولفروعها على الشارع العام وكثرة الأسواق والمحلات). ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بحريق الوشم / متوقفة عن العمل حاليا (وجار اتخاذ اللازم لتصفيتها)! ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بالاحساء / تمارس بعض الأنشطة (بيع بذور وأسمدة ومبيدات وآليات زراعية، وتأجير حراثات وبيع شتلات والاشراف على مناحل المزارعين وارشادهم ورش المزارع وتذرية الأرز في الموسم) لكنها بحاجة إلى (دعم ومساندة لكي تتحمل الأعباء الملقاة عليها، ولأنها لا تحقق الأرباح الكافية لتغطية مصاريفها، وأكثر أعمالها المشار لها تقوم بها لخدمة المزارعين بأقل الأسعار). ٭ الجمعية الزراعية متعددة الأغراض بحائل تمارس (بيع البذور و الأسمدة والمعدات الزراعية، ولها نشاط في المخابز والمواد الغذائية..وتتجه حاليا لتقليص النشاط الزراعي لضعف إمكانيات المزارعين). ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بالمدينة المنورة تمارس (التجارة بالمواد والمعدات الزراعية، وتقديم خدمات إرشادية وزيارات ميدانية للمزارعين، ولها نشاط في تأجير محلات وشقق خاصة بالجمعية )! ٭ الجمعية التعاونية الزراعية ببرحرح «متعددة الأغراض» تمارس حالياً (استثمارات تجارية وعقارية وتشمل (محطة محروقات - مركز لتوزيع الغاز، ومبنى مكون من دورين مؤجر لمركز الشرطة)! «أين النشاط الزراعي»؟ا ٭ الجمعية التعاونية متعددة الأغراض برياض الخبراء (توفر البذور و الأسمدة والمبيدات، تركيب الرشاشات والغطاسات وجميع أنواع التمديدات الزراعية.. وتواجه الجمعية مشكلة عدم الدعم من الجهات المختصة). ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بوادي بهوان باللحمر والسهول (تمارس تربية وتسمين الدجاج اللاحم، وتأمين الأسمدة والبذور والمضخات و الشبوك للمزارعين و«ومواد البناء والسباكة والكهرباء للمواطنين» ! وتنوي الجمعية توسيع نشاطها ليشمل تربية وتسمين و إنتاج الأغنام وتربية المناحل.. وتواجه الجمعية صعوبة في التسويق لرداءة السوق والتكاليف المرتفعة للتربية. ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بوادي السرحان (بيع البذور و الأسمدة والأعلاف «شعير» وبيع مواطير جديدة، «الجمعية بحاجة إلى دعم لتسويق زيت الزيتون لأن محافظة القريات تشتهر بكثرة إنتاج الزيتون وحالياً لديها معصرتان لعصر الزيتون». ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بجازان / الظبية «بيع المواد الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات كيميائية،» وحاليا لا تمارس الجمعية هذه الأنشطة، والجمعية بحاجة إلى الدعم والتطوير لتقوم بأنشطتها المناطة بها». ٭ الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بصامطة (المتاجرة في الأسمدة والمبيدات والبذور الزراعية وبيع قطع الغيار للمعدات الزراعية «ومساعدة المحتاجين من أعضاء الجمعية). ٭ الجمعية التعاونية الزراعية بالبطين (استيراد وبيع التقاوي والأسمدة والمبيدات والأدوية البيطرية والآليات وقطع الغيار، تأمين المحروقات وتأجير وصيانة المعدات والآليات الزراعية، تقديم الخدمات والاستشارات للمزارعين لتنويع مصادر دخلهم، إنشاء مستودعات التبريد والتجميد وجهاز مكافحة الآفات و الإرشاد الزراعي، إنشاء مختبر الجودة النوعية وسوق التمور السعودية الإلكترونية / تحت التأسيس). يقول تقرير لوزارة الزراعة إنه، ومن واقع الدراسات والزيارات الميدانية، اتضح أن الجمعيات التعاونية تواجه العديد من المعوقات التي تحد من قدرتها على تحقيق أهدافها كما اتضح قلة عدد أعضاء هذه الجمعيات والبالغ (40677) عضواً. تضمن تقرير الوزارة حصر أهم معوقات هذه الجمعيات، من خلال نتائج بعض الدراسات ومقترحات مسئولي الجمعيات التعاونية الزراعية بعد استطلاع مرئياتهم حيال وضع هذه الجمعيات.. ووجد أن أهم هذه المعوقات ما يلي : أولاً - معوقات فنية : ٭ افتقار الكثير من الجمعيات التعاونية للكوادر الفنية المؤهلة زراعياً والقادرة على توجيه أعمال الجمعيات التعاونية الزراعية بما يتوافق و إمكاناتها المتاحة والموارد الزراعية المتوفرة بمنطقة تواجدها. ٭ لا يتوفر في معظم الجمعيات التعاونية الزراعية أجهزة إرشادية تقدم الخدمات الإرشادية و الفنية الزراعية التي يحتاج إليها أعضاء الجمعية في المواسم الزراعية المختلفة. ٭ لا يتوافر للجمعيات التعاونية الزراعية الإمكانات الفنية اللازمة لتقديم خدمات تسويقية منافسة كالمخازن ووسائل النقل المبردة. ٭ اقتصار الخدمات المقدمة من بعض الجمعيات على محصول واحد مما يترتب عليه اقتصار خدماتها لمنتجي ذلك المحصول فقط. ٭ بعد مواقع بعض الجمعيات عن المزارعين الراغبين في الاستفادة من خدماتها. ٭ تدني مستوى الوعي التعاوني لدى الكثير من المزارعين فغالبيتهم لا يعي الدور الذي يمكن أن تقوم به الجمعية لخدمتهم بل ان بعضهم قد لا يعرف الجمعيات التعاونية و لا يعلم بوجودها وهذا ناتج عن عدم توفر المعلومات عن ماهية الجمعيات التعاونية الزراعية مما يحد من انضمامهم للقائم منها أو تقديم طلبات تأسيس لجمعيات زراعية جديدة. ٭ القصور الإداري للأجهزة في بعض الجمعيات التعاونية حيث إن البعض منها قد لا يكون قادراً على الشروع في اقتراح وتنفيذ أي أنشطة جديدة أو توسيع نطاق خدمات الجمعية أو الاستفادة من التجارب بالناجحة لبعض الجمعيات. ٭ تجربة بعض المزارعين وخاصة القدامى منهم مع الجمعيات التعاونية الزراعية التي فشلت وتمت تصفيتها جعلت الكثير منهم لا يثق بالجمعيات التعاونية مما جعل ذلك عقبة تعترض تأسيس الجمعيات أو العمل على زيادة أعضاء الجمعية. ٭ تواجه الجمعيات مشكلة تغيب كثير من أعضائها ولتدني الوعي التعاوني لدى الكثير منهم مما نتج عنه انخفاضاً في مستوى تعاملهم مع جمعياتهم وبالتالي انخفاض سرعة دوران المال في تلك الجمعيات التعاونية. التسويق الزراعي للأسف نقول أن التقارير أوضحت عجز الجمعيات التعاونية «سواء منها الزراعية أو متعددة الأغراض التي تمارس نشاطاً زراعياً» عن تولي عمليات التسويق الزراعي لوحدها، ما لم يتم التغلب على معوقات - سنأتي على ذكرها أدناه - كونها قنوات جيدة للتسويق الزراعي، مع دعمها مادياً ومعنوياً من قبل الجهات ذات العلاقة لتفعيل دورها في ظل قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 268 وتاري24/ 11/ 1423ه القاضي بتشكيل لجنة المتابعة أنشطة الجمعيات التعاونية للتسويق الزراعي. لابد من تعريف التسويق الزراعي قبل الانطلاق الى دراسة المعوقات، ويُعرف بأنه «مجموعة المهام المتصلة بانسياب السلع والخدمات من نقطة الإنتاج الأولية وحتى وصولها إلى المستهلك النهائي».. وبالتالي فهو يمثل سلسلة الأعمال المتتابعة التي ينبغي إنجازها حيثما تحرك المحصول من المنتجين الأولين إلى أن يصل إلى المستهلك النهائي. وتتركز عملية التسويق على 4 نقاط مهمة: (وجود منتج - وجود إنتاج - وجود مستهلك - إيصال الإنتاج من المنتج إلى المستهلك). وتعتبر النقطة الرابعة بكل ما تحتويه من أعمال ونشاطات ومهام هي جوهر التسويق الزراعي. من المعروف أن العملية التسويقية تعتبر مكملة للعملية الإنتاجية بل أن التسويق قد يسبق الإنتاج حيث إن المنتج لا يقوم بالإنتاج إلا بعد معرفة رغبات المستهلك وبذلك فإن دور التسويق الزراعي هو :(اختيار المحصول المناسب و إيصاله إلى المستهلك بالحالة المناسبة والكمية والوقت والمكان المناسب وبالسعر المناسب) ولتحقيق ذلك لابد من القيام بالعمليات التالية : (القطف في الوقت المناسب - جمع المحصول من النباتات بأوعية مناسبة - إجراء عملية الفرز بالشكل المناسب - إجراء عمليات تدريج صحيحة - اختيار العبوات المناسبة والتعبئة الصحيحة - استعمال وسيلة النقل المناسبة). عملت الدولة على مساندة قطاع الزراعة وتقديم كافة السبل الممكنة لدعمه ممثلة في توزيع الأراضي و إنشاء الطرق وبناء السدود وتقديم الإعانات المالية المباشرة وغير المباشرة لعوامل الإنتاج بالإضافة إلى القروض الميسرة بدون فوائد في مختلف الإنتاج،ونتيجة لهذا الدعم السخي دخل عدد كبير من المستثمرين الأفراد والشركات في هذا المجال مما انعكس على الإنتاج الزراعي، ونتيجة للتطور الهائل في عمليات الإنتاج الزراعي والتي لم يواكبها تطور أساليب وطرق التسويق الزراعي فقد ترتب على ذلك ظهور العديد من المشاكل التسويقية والتي من أهمها : ٭ موسمية المحاصيل الزراعية وهي وجود فائض كبير من الإنتاج خلال مواسم غزارته مما يؤدي إلى تلف كميات كبيرة منه بالإضافة إلى الانخفاض في الأسعار والذي قد يصل إلى اقل من سعر التكلفة. ٭ تركيز إنتاج الخضار في بعض المناطق مما أدى إلى وجود فائض كبير منه يزيد عن الطلب بينما يوجد عجز في مناطق أخرى. ٭ فقد كميات كبيرة من الإنتاج أثناء عملية النقل نظراً للمسافات الشاسعة بين المزارع والمراكز التسويقية مع عدم توفر وسائل النقل المجهزة. ٭ عدم وجود تنظيم وتخطيط للعملية الإنتاجية وفقاً للظروف التسويقية حيث يتدفق الإنتاج من المزارع إلى الأسواق بطريقة عشوائية مما يؤدي إلى عدم التوازن بين الطلب والعرض. ٭ عدم توفر المعلومات التسويقية لدى المنتجين حيث يعتمدون على الخبرة الشخصية وتجربة الموسم السابق. ٭ ارتفاع الهامش الربحي للوسطاء على حساب المنتجين والمستهلكين دون قيامهم بأي عملية من العمليات التسويقية. ٭ افتقاد الأسواق إلى وجود التنظيم و التجهيزات اللازمة للقيام بالوظائف التسويقية. والى جانب ذلك فان هناك أهدافا يمكن أن يحققها التسويق الزراعي الناجح وهي : ٭ استقبال المنتجات الزراعية من المنتج ومعالجتها بحيث تكون مطابقة للمواصفات القياسية المحلية والدولية وتتوفر بها الشروط الصحيحة. ٭ القيام بالعمليات التسويقية السابقة الذكر من فرز وتدريج وغيرها بالشكل المطلوب والمناسب للمستهلك. ٭ حصول المنتج على أسعار مجزية وذلك بالتحكم بكميات الإنتاج والوقت المناسب كما أن المستهلك سيحصل على منتج يناسبه من حيث النوعية والسعر. ٭ توزيع الإنتاج على جميع المراكز التسويقية في جميع المناطق وعدم تكديسه في منطقة واحدة. ٭ تخزين الفائض من الإنتاج في مخازن مبردة ومجهزة لهذا الغرض بما يناسب كل منتج مما يحقق التوازن بين العرض والطلب. ٭ توفير معلومات تسويقية ونشرات عن الإنتاج و الأسعار والطلب والعرض في الأسواق. ولضمان استمرار المزارعين والمنتجين في دورهم البناء ومقابلة التطور في ذوق المستهلك ومنافسة المنتجات المستوردة وتحقيق عائد مجزي للمزارع فلابد من قيام جهاز متكامل ذي إمكانيات مادية عالية وخبرات عملية متطورة ليستطيع القيام بهذه المهام ويتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منه بالشكل المأمول.ويمكن إيجاز أهم العناصر التي يفترض توفرها في الجهات التي تتولى أعمال التسوق الزراعي على وجه التحديد فيما يلي (مركز معلومات يغطي مناطق الإنتاج والتسويق - مركز للدراسات التسويقية - مراكز الفرز والتدريج والتعبئة والتغليف - المستودعات المبردة - الخبرات في مجال الإنتاج - الخبرات في مجال التسويق).. هذا بالإضافة للخدمات المساندة الأخرى.