مجمع أسواق جديد يشيد في هذا الحي، وعلى مقربة منه يقام مول آخر، مجمعات تجارية وأسواق تعج بالمحلات على اختلاف مشاربها، قد لا يفصل بينها سوى شارع، أو مربع سكني.. ففي مدينة كالعاصمة الرياض والمدن الرئيسية الأخرى تكدس للأسواق والمجمعات التجارية بشكل ينبئ عن غياب التنظيم، ويوحي بأن تلك الأسواق تقام حسب رغبة المستثمرين في بنائها دون أن يكون هناك ضوابط تحدد حاجة كل حي، وكل شارع من الأسواق والمحلات التجارية. لكنها عملية ربما توحي في وجهها الآخر كما يراها مراقبون تعبر عن مستوى نبض الاقتصاد القوي، وتؤكد متانته، وحيوية ممارسة العمل التجاري من خلال نسبة إشغال المعارض في تلك الأسواق والمجمعات التجارية والتي تبدو عالية. * استثمار عشوائي في هذا الصدد قال الدكتور عبدالعزيز داغستاني الخبير الاقتصادي إن هناك غياباً للتنظيم في مجال قطاع المولات ومراكز التسوق.. وأضاف: المشكلة أن أغلب شوارعنا إن لم يكن كلها تجارية، وهذا ليس معمول به في أغلب دول العالم. وقال: يجب أن تكون هناك شوارع تجارية محددة، وأن يكون انتشار المولات قائم على دراسة، تحدد هل هناك حاجة لهذا المول في هذا الحي ؟ وحقيقة الأمر أن التنظيم غائب، وكل مستثمر يريد أن يفتح مول أن يبدأ ببناء مجمعه أينما أراد وفي أي حي دون معرفة حاجة هذا الحي من عدمها لهذا النوع من النشاط.. وأكد أن ذلك يعني توجيه الاستثمارات بشكل عشوائي لأنشطة لا تضيف للاقتصاد الوطني، بل انها تزيد من الثقافة الاستهلاكية، وكذلك ليس لها أي دور في أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مؤكداً أنها تمثل تحول رأس المال من شكل إلى آخر دون أي إضافة للاقتصاد، وضرب مثلاً على ذلك مساهمة المولات في التوطين، والذي قال بأن دورها في مجال توظيف السعوديين قد لا يذكر. وطالب بأن تكون المصلحة العامة قبل أي شيء من خلال التخطيط وليس ترك الأمر على عواهنه هكذا، وأن يشمل التنظيم جميع مراكز البيع الصغيرة والكبيرة، وأن تحدد أعداد تلك المولات حسب الحاجة الفعلية للحي.. وقال إن عدم انعكاس كثرة المولات بشكل ايجابي على إيجارات المتاجر يؤكد غياب التنظيم، مؤكداً أن فرضية أن يتواجد التاجر في كل مول بالنظر إلى وجود منافسيه، هو أمر يرفع فاتورة التشغيل على شركات البيع بالتجزئة بالفعل.. مؤكداً أن على التجار أن يعلموا أنه ليس بالضرورة افتتاح فرع في كل مول. وأكد أن وجود أسواق متخصصة في نشاط معين هو أمر مهم، وقال إن في الرياض تجارب بهذا الخصوص كتلك الأسواق المخصصة للكمبيوتر وأخرى للمفروشات وكذلك أسواق خاصة بمواد البناء، واصفاً التجربة بأنها مشجعة كون المتسوق يذهب إلى ذلك السوق ويعرف أنه سيجد كل الخيارات الممكنة التي يحتاجها هناك. د. عبدالعزيز داغستاني * ارتفاع فاتورة التشغيل يؤكد رجال أعمال أن تكدس المولات في شوارع وأحياء محددة وبشكل متقارب، يرفع فاتورة التشغيل لدى شركات البيع بالتجزئة من خلال تضخم عدد الفروع بشكل ربما يصعب السيطرة عليه، ويأخذون على تلك المولات قربها من بعض، والعشوائية التي تشوبها من خلال إقامتها دون مراعاة أعداد المولات المطلوبة بالنظر للأحياء وعدد سكانها، ومساحات طرقها، كما طالب البعض أن تفصل بين المولات مسافات محددة لكي يصبح افتتاح فروع بها أمر ذا جدوى بالنسبة لمحلات البيع بالتجزئة. وفي هذا السياق قال الدكتور صالح الفرحان مدير شركة سنابل السلام إن كثرة الفروع بشكل مدروس تضيف لأي شركة مزيداً من نوافذ البيع، وكذا التواجد قريباً من عملائها أينما وجدوا.. وأكد أن كثرة تعدد الفروع وانتشارها في الأحياء والمدن بشكل منظم ومتباعد بمسافات مقبولة هو أمر يؤكد قوة مركز الشركة وحرصها على التواجد أينما وُجد عملاؤها ، كما أنه يأتي ضمن سعيها لتكوين قاعدة عملاء جدد محتملين في أحياء أو محافظات لم يكن لها تواجد بها من قبل. * تخطيط المدن وانتقد في الوقت ذاته ما أسماه عدم تنظيم المولات ومجمعات الأسواق، وقال إن تخطيط المدن من الناحية التجارية يفرض أن يوجد توازناً بين الحاجة الفعلية للأحياء من الخدمات بما فيها المولات والمجمعات التجارية، وبين الكثافة السكانية، وعدد المولات المقامة فيها.. وشدد على أن وجود مولات كبيرة متجاورة لها انعكاساتها على الحركة المرورية، وكذا على نسبة إقبال المتسوقين على أحد المولات المتجاورة.. وطالب بأن يكون هناك تنظيم للمولات والمجمعات التجارية بالشكل الذي يجعل المسافات بينها كافية لكي يكون توسعها منطقياً.. وشدد على أن أصحاب محلات البيع بالتجزئة قد يجدون في تعدد المولات فرصة للانتشار والقرب من العملاء في الأحياء.. لكنه قال إنه ليس بالضرورة أن يكون ذلك الانتشار في مولين أو ثلاثة في شارع واحد.. وأكد أن دراسة الجدوى من افتتاح الفروع تفرض أن يكون هناك توزيع جغرافي للفروع بشكل يحقق حضوراَ متوازناً على مساحة المدينة الواحدة. وقال إن التنافس الكبير بين محلات البيع بالتجزئة وبعض الأنشطة الأخرى قد جعلها تتسابق لافتتاح فروع في تلك المجمعات بغية عدم الغياب وسط حضور المنافسين، ما خلق تكدساً للمعارض في مولات متقاربة، الأمر الذي رفع فاتورة التشغيل بشكل كبير لدى تلك المحلات.. وأكد أن تكدس المولات وقربها من بعض لا يخدم العملية التجارية، خاصة وأن ذلك لم ينعكس بشكل ايجابي على إيجارات المعارض في تلك المولات. د. صالح آل فرحان