الحمد لله الذي لم يزل ولايزال مالك الأعمار والآجال تفضل سبحانه وتعالي بإطالة بعضها علي بعض وخص نفسه تعالي بالدوام والإجلال وجعل الموت مرجع الخاص والعام وسبيلاً للزوال، وأشهد أن محمداً عبده المصطفي وأمينه المرتضى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه في كل وقت وحين الى يوم الرجعة والمعاد، ففي يوم السبت الموافق للسادس والعشرين من شهر رجب 1433ه توفي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وغفر له، فهو الذي قدم نفسه للدين والدنيا وظهر بالخافقين وأفنى عمره وحياته في خدمة دينه ومليكه ووطنه وأمته والناس أجمعين، فكانت وفاته فجيعة للناس جميعاً فأصابهم الأسى واللوعة فأنسكبت دموعهم لرحيل و فراق ( سموه يرحمه الله ) وجرى الدمع هتاناً. لقد كان سموه رحمه الله وطيب ثراه ومنذ يفاعته وريعان شبابه موضع ثقة والده العظيم جلالة المؤسس الباني والقائد المجاهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود نور الله قبره وبلل ثراه لما اكتشف في سموه رحمه الله من الموهبة والذكاء والحس المرهف والعاطفة الجياشة والشموخ كالطود العظيم، فأصبح رحمه الله عبر السنين رجل الدولة الكفء وصار عبر الأحداث والمواقف الجسام رجل الأمن الأول في هذا الوطن الغالي والآمن بإذن الله الى أن يرث الله الأرض ومن عليها (أمين). ولقد عرف نايف بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وعطر ثراه بأنه الينبوع الصافي للحكمة الرائقه ومنهلًا للفكر الصائب والعميق وصاحب الأبوة والأمومة الحانية معا وراعي الرأي السديد، فصار بذلك منبرا قوي الحجة واضح البرهان ظهيرا مبينا للحق ومعينا عليه. ومنذ أكثر من أربعين عاما كنت تلميذا يافعا بالمدرسة الأهلية الأبتدائية بالرياض ( سميت فيما بعد بالتذكارية تذكارا لعودة جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود من مصر سنة 1367 ه ) كنت اسمع من والدي رحمه الله وكان أحد رجالات الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود عن حكمة نايف بن عبدالعزيز وفطنته وعقله وفكره النير والمتوقد وعن مواقف الشهامة النادرة لسموه رحمه الله وكم يعجب المرء لذلك وكيف لايعجب السامع لذلك !. فمن المواقف التي أذكرها قبل أكثر من ثلاثين عاما عن سموه يرحمه الله وذكرتها في مقالة سابقه لي علي صفحات جريدة الرياض الغراء أن أعجبت بسموه يرحمه الله فأسميت أول مولود لي نايفآ (مهندس ويحفظ المصحف كاملا ولله الحمد) باسمه تيمنا وأعجابا به رحمه الله وغفر له، وأذكر وقبل أكثر من خمسة عشر عاما أن مر بي عارض من عوارض الحياة فتوجهت الى مدينة جدة وقابلته يرحمه الله بمكتبه بوزارة الداخلية وبعد فترة وجيزة جائني مرسول خاص منه يرحمه الله مبشرا بالحل. * طبيب استشاري نساء وولادة وجراحة المناظير بمستشفى اليمامة بالرياض