بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نقول كما قال الصابرون «إنا لله وإنا إليه راجعون».. لقد كان يوم السبت السادس والعشرين من شهر رجب يوماً من أشد الأيام حزناً على مملكتنا الحبيبة بل على الأمة الإسلامية والعالم أجمع وكانت صدمة كبيرة وفاجعة عظيمة هزت أركان المجتمع وكان نزول الخبر الأليم كالصاعقة على الجميع غير مصدقين لولا إيماننا بقضاء الله وقدره كيف لا وهو خبر رحيل وفقدان قائد ورجل عظيم وأحد أهم أركان هذه الدولة المباركة سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. لا أعرف من أين أبدأ ومن أين ابتدئ عن فقدانه رحمه الله أو عن شخصه أو عن أعماله الجليلة أو عن منجزاته أو عن مناقبه العديدة والكثيرة فالفاجعة والصدمة أكبر وأعظم من ان استدرك وألملم ما بداخلي من حزن حيث الكلمات التي بداخلي تتصاغر لأن الألم والحزن كبير. رحمك الله فقد كنت العضد الأيمن لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله بقاءه ومتعه بالصحة والعافية وألهمه الصبر والسلوان. وكان رحمه الله الأب الوفي لشعبه وأمته والمخلص الأمين لهذه البلاد بعد الله سبحانه وتعالى فقد خدمت وأفنيت عمرك في خدمة هذه البلاد من ريعان شبابك حتى مماتك فلك منا الدعاء والأجر والثواب من رب العباد. رحمك الله يا نايف بن عبدالعزيز فأنت عراب الأمن الأول من خلال مسيرتك الطويلة والمشرقة التي قاربت على أربعة عقود كنت فيها قوياً صبوراً معلماً وحكيماً رغم الصعوبات والأحداث التي مرت على مملكتنا والعالم أجمع من مرحلة إلى أخرى. فكنت تسير بالأمور والأحداث بكل قدرة واقتدار وبعد نظر وبفراسة الرجل الخبير المحنك فزرعت الأمن في هذه البلاد وفي نفوس الناس بفضل من الله جل شأنه ثم بما وهبه الله سبحانه لكم من قدرة ودهاء وخصال فريدة قل مثلها في الرجال سوى أمثالك رحمك الله رحمة واسعة. وسوف يذكر لسموكم التاريخ سيدي والعالم أجمع الفضل الكبير الذي قدمتموه للبشرية جمعاء وليس لوطنكم وحده وأمتكم من خلال الاستراتيجية العظيمة التي تبناها سموه رحمه الله في التعامل مع الارهاب والارهابيين التي شكلت هاجساً وهمّاً كبيراً على البشرية جمعاء عبر القوة والتصدي للارهاب وتجفيف منابع التطرف والمناصحة ومواجهة الفكر الضال بالفكر واللين واحتواء من غرر بهم ومن عاد لجادة العقل والدين واتباع منهج الشريعة ومساعدة التائبين وأسرهم بتوفير سبل الراحة والاستقرار والعيش والمسكن وعدم أخذ أحد بجريرة أحد غيره مما أدى إلى انحصار وانقشاع غيمة أرقت العالم وزرعت الرعب والخوف وعدم الاستقرار حيث كانت هذه البادرة والخدمة الجليلة التي اعترف بها العالم وخصوصاً أمريكا والدول الأوروبية التي عانت من الارهاب وفعلت الكثير للتصدي والتقليل من هذه الظاهرة. لك الله من رجل عظيم صاحب فكر نير مخلص لدينك ووطنك وأمتك وسوف نردد نحن والأجيال من بعدنا كما رددوا لزعماء وعظماء حكما ومقولات مأثورة مقولتك العظيمة التي حرصت رحمك الله على زرعها في نفوسنا «المواطن رجل الأمن الأول». رحم الله نايف بن عبدالعزيز صاحب الأيادي البيضاء على هذا الوطن وشعبه فقد رحل العين الساهرة على أمن المواطنين والمقيمين على أرض هذه البلاد المباركة والساهر على أمن حجاج ومعتمري بيت الله وزوار مسجد نبينا المصطفى الأمين عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم لقد رحل عون الفقراء والمساكين ومكرم أسر الشهداء والمساجين لقد رحل الرجل الشهم لنصرة اخوانه المسلمين في فلسطين وأفغانستان وباكستان وجميع المعوزين في جميع أرجاء العالم، لقد رحل أسد السنة وناصر العقيدة ،لقد رحل الداعم لكل ما يرفع من عزة وكرامة المرأة، لقد رحل الرجل القوي الذي يضرب بيد من حديد على من يريد اهتزاز أمن واقتصاد البلاد، لقد رحل من يقطع دابر كل من يريد اغراق وتدمير أبناء هذه البلد بالمخدرات، لقد رحل الحليم الحازم ولكنه سوف يبقى في ذاكرة الوطن والمواطن وسوف تبقى أعمالك العظيمة والجليلة واسهاماتك في بناء هذا الوطن محفورة من ذهب جنبا إلى جنب مع قائد ومؤسس هذا الكيان العظيم ومروراً باخوانك ملوك وأمراء هذه الأرض المباركة خالدة للأبد. نعدك يا نايف بن عبدالعزيز ان نمشي على خطاك وان إخوانك وأبنائك سوف يكملون المسيرة التي أسستها لهم والمنهجية التي أنت رحمك الله رسمتها وأرسيت قواعدها سوف تكون هي المسار والعمل الذي سوف ننتهجه من بعدك فقد أرسيت القواعد وسهلت على من يخلفك العمل والمنهجية ولن نفتقدك يا سيدي سوى بروحك وجسدك وسوف تبقى معنا بأعمالك ومنجزاتك والأمن الذي أرسيت قواعده المتينة سوف ننعم به بعد أمن الله وفضله علينا .رحمك الله وأسكنك فسيح جناته سائلاً المولى عز وجل ان يديم علينا نعمة الأمن والأمان تحت كنف قائد هذا الوطن الغالي سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. (وإلى جنة الخلد يا نايف بن عبدالعزيز).