أكتب مقالتي هذه بصفتي مشاهداً عادياً متجرداً من أي انتماء رسمي لقناة تلفزيونية أو مؤسسة إعلامية حتى لا يفهم قصدي خطأ. أكتب مقالي بعد أن تابعت وتابع معي الكثيرون إحدى حلقات برنامج يبث عبر قناة تلفزيونية سعودية خاصة، وكان موضوعها عن (البويات) وقدمها أحد الإعلاميين المخضرمين. تم خلال الحلقة الاتصال بإحدى هؤلاء البويات التي جاهرت بالرذيلة ورغبت أن تُسمى (عزوز) بدلاً من اسمها الحقيقي (عبير) . في بداية الحوار كانت البوية تتكلم بكل جرأة ووقاحة عن حياتها وعلاقاتها المثلية، وكنت أتوقع أن يدار الحوار معها بطريقة إيجابية، وأن تكون هناك وقفات نقدية وتقريعية لهذا السلوك الشاذ ومن يمارسه، ولكن من المؤسف أنه تحول إلى حوار فيه الكثير من الليونة، ولم يعرج على المخالفات الشرعية والتجاوزات الاجتماعية أو الوطنية باعتبار المسماة (عبير) إحدى البنات السعوديات. ولكي تتضح الصورة سأتناول مقاطع محددة من الحوار؛ ففي البداية سألها المقدم قائلا " تحبي أقول لك عزوز ولا عبير " . طرح السؤال بهذه الصيغة يجعلها تحس بأنه لا مانع بأن تسمي نفسها باسم رجل، وكان جوابها طبعا أنها ترغب أن يسميها (عزوز) . كان من الأولى هنا أن يصر المقدم على تسميتها (عبير) فهو اسمها الحقيقي ويقول لها لا يمكن لنا أن نقبل بأن تغيري اسمك باسم رجل. مثل هذا الموقف لو اتخذ لكان فيه إشارة نقدية واضحة لسلوك مشين وغير مقبول. حين كان الحوار يدور حول وجود رقابة داخل أروقة الجامعة لتصرفات البويات قالت (عبير) إن هناك رقابة خفيفة ما يعني أن الأمور سائرة على ما يردن ولا خوف لديهن، وكان رد مقدم البرنامج " معطينهم الصقهاء " ومعناه أنكن غير مهتمات ولا خائفات. الموقف هنا يستدعي الانكار على عبير وعدم القبول بأن تكون مؤسساتنا التعليمية موطناً لتصرفات هذه الفئة الشاذة ، ومناشدة القائمين على التعليم بضرورة اتخاذ خطوات عملية للحد من هذه الظاهرة. عاد المقدم مرةً أخرى للحديث عن الاسم وقال " أبقول لك : (عزوز) عشان ترتاحي يا (عبير) " وأعقب ذلك بضحكة. وعاد في موضع آخر ليقول لها " : أبقول يا (عزوز) عشان تنبسطين ... خليني أرجع وأقول : (عزوز) عشان تكون إجاباتك معنا أريحية أكثر ... تشرفنا يا (عزوز) " حين نتخاطب مع هذه الشاذة بهذا الاسلوب فكأننا نراعي مشاعرها لا تجرح، ونقول لها استمري في غيك ولا بأس أن نناديك ب (عزوز) . في نهاية الحلقة أشار المقدم إلى أن ولده اسمه (عبدالعزيز) وأنه سيُحاسب من قِبَله داعيا الله أن تعدي الليلة على خير، ثم قال " أبغير اسم الولد من بكره" . هل هذه دعوة ياعزيزي لكل من لديه ولد اسمه (عبدالعزيز) لكي يغير اسمه لأن فتاة شاذة سمت نفسها (عزوز) وهو تصغير لاسم ( عبدالعزيز ) !!!؟؟؟ في اعتقادي أن البوية خرجت من حوارها في الحلقة منتصرة ؛ لم ينكر عليها أحد سوء تصرفها، ولم يكن هناك موقف حازم من المقدم أو الضيوف وهما طبيب نفسي وأخصائي اجتماعي. ثم لماذا غيبنا الجانب الديني خلال الحوار ولم يتم استضافة أحد العلماء لبيان حكم الشرع في ضوء حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)؟ ولماذا لم يتم لفت نظر (عبير) إلى أنها بفعلتها تهدم بناء المجتمع والأسرة وتنشر الفساد وتسيء لسمعة بنات الوطن، وأن عليها البحث عن علاج يشفيها مما ابتليت به؟! اعتراف (عبير) تلفزيونباً بممارسة الشذوذ الجنسي هو مجاهرة بالرذيلة تستوجب المساءلة والمحاسبة من جهات الاختصاص جزاء لها وردعاً لأمثالها، مثلها مثل من سبقها من الرجال الذين جاهروا بالمعصية في قنوات تلفزيونية أخرى..