كثيراً ما كنا ننتقد علاقة شعوب دول مجلس التعاون الخليجي مع بعضها البعض، ونطالب دائماً بأن يكون هناك مزيد من التلاحم والألفة بينهم على أساس أنهم شعب واحد ومصيرهم واحد. وما الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين بالاتحاد الكامل بين دول المجلس إلا إحساسٌ بأهمية أن يكون الشعب الخليجي قلباً واحداً وروحاً واحدة. رغم كل هذه الدعوات والأمنيات إلا أن مسؤولي الثقافة في بعض الدول الخليجية يصرون على الاتجاه نحو العمل الفردي والتوجهات المغايرة للتكامل الإعلامي والثقافي. ومن ذلك ما حصل الأسبوع الماضي حين استضافت الدوحة مهرجاناً فنياً وثقافياً للتضامن مع الشعب السوري وكان من المدعوين لحضور المهرجان الشاعر البذيء أحمد فؤاد نجم والذي لم يترك مناسبة للنيل من المملكة وشعبها وقادتها إلا وطرقها بل وينظر للشعوب الخليجية بأنها شعوب متخلفة حكمت العالم من خلال براميل البترول التي وجدت صدفة في صحرائها. أحمد فؤاد نجم الشاعر الذي ينظر لدول الخليج بعيون وقحة، نجده بشكل مفاجئ قريباً منا وفي بلادنا التي طالما شتمها وسفه أهلها وقادتها، يتواجد في قطر والذي قال عنها ما قال أثناء الحرب الأمريكية على العراق. وجود نجم ودعوته لحضور مهرجان خليجي انتهاك واضح وصريح لمفهوم التكامل والوحدة والمصير الواحد والذي يجب أن يكون هو ديدن دول المنطقة كلها فمن يشتم دولة خليجية إنما يشتم بقية الدول ولا يصح أن يستضاف ويكرم بهذه الطريقة التي لا يستحقها. على الجانب الآخر كان تلفزيون أبو ظبي يعلن عن إنتاجه لمسلسل سوري "الولادة من الخاصرة" في جزئه الثاني بأبطال كلهم يدعمون بشار الأسد وبشكل علني سافر بدءاً من المخرجة رشا شربتجي وانتهاء بسولاف فواخرجي وباسم ياخور، بل إن المسلسل نفسه قائم على المفهوم الذي يروج له نظام الأسد من أن سوريا فيها حرية تعبير تتمثل في هذا العمل الذي ينتقد أوجه الفساد السياسي والاقتصادي فيها، وهي حيلة لجأ لها النظام السوري منذ سنوات حين منح الدراما السورية هامشاً مدروساً من الحرية لإيهام الناس أن سوريا تنعم بالحرية ولينفي عنه تهمة الديكتاتورية. هذا بالإضافة إلى أن بطل المسلسل باسم ياخور كال الشتائم على الدول الخليجية بأكملها في بداية الثورة السورية ثم نراه اليوم وهو يعتلي شاشات الدول الخليجية كبطل للمسلسلات أو كضيف على أشهر برامجها. ما أريد قوله هنا أن عدم اهتمام بعض المؤسسات الثقافية والإعلامية في الخليج بجدية العمل المشترك سيكون له مردود سلبي على شعوب المنطقة وعلى كرامتها حيث سيستمرئ الخصوم في التعدي على أهل الخليج وإهانتهم لأنهم واثقون أن لا أحد سيحاسبهم على إساءاتهم. وهذا الأمر لابد أن يتوقف الآن وحالاً وذلك عبر وضع قائمة لمن أساءوا للخليج وأن يمنعوا من زيارتها ومن التعاون معها بأي شكل من الأشكال عقاباً لهم وحتى يعرفوا أن للخليج قيمة يجب أن يصونوها ويحترموها.