في معظم الحالات يكون هناك انخفاض حاد في مستوى الدخل الفردي خلال الشهر الأول من التقاعد لاسيما في القطاعات العسكرية والوظائف التي تمثل فيها البدلات نسبة عالية من الدخل الشهري. وهذا الانخفاض الحاد يتطلب مراعاته والإعداد له عن طريق التخطيط المالي الرصين لتقليل الآثار السلبية التي قد تؤدي إلى تدهور وانهيار كامل للحالة الاقتصادية للمتقاعد. ومن أهم متطلبات التخطيط المالي في مرحلة ما قبل التقاعد أن لا يكون هناك أي التزامات مالية ( قروض) تستهلك الراتب التقاعدي. إن أي قسط شهري مهما كان منخفضاً سيكون ذا تأثير معنوي على مستوى معيشة المتقاعد، لأن الانخفاض الحاد في الدخل بعد التقاعد يكون أكثر حدةً مع أقساط القروض الشهرية. ومن الضروري أن لا يرتبط التخطيط المالي لمرحلة ما بعد التقاعد بالمسائل الظنية مثل تأجيل التقاعد بالتمديد، أو التعاقد معه في نفس الجهة التي يعمل بها أو في جهة أخرى. ففي حالات كثيرة أصبح قرار الإحالة إلى المعاش كالرصاصة القاتلة لمن ركنوا إلى المسائل الظنية. وبالتالي فإن التخطيط المالي الجيد يعتمد على مبدأ الحيطة والحذر وفرض أسوأ الاحتمالات، ثم العمل على تقليل الآثار السلبية ومحاولة التكيف مع الأوضاع الجديدة لانخفاض مستوى الدخل. ويتم ذلك من خلال التدقيق في النمط الاستهلاكي لتعظيم المنفعة من الدخل وتقليل هامش الاستهلاك العشوائي. وامتلاك المسكن الملائم من أهم ركائز التخطيط المالي لمرحلة ما بعد التقاعد لاسيما الذين توفر لهم الجهة التي يعملون بها سكناً ويطلب منهم إخلاؤه عند التقاعد. وهؤلاء عادة أكثر الفئات تضرراً من قرار التقاعد خصوصاً العسكريين الذين يكادون يفقدون مواقعهم في الطبقة المتوسطة بالرغم من الرتب العالية لبعضهم. وينبغي البدء بمشروع امتلاك المسكن قبل عشر سنوات من التاريخ المتوقع للتقاعد كي لا تستمر الالتزامات المالية العالية بعد التقاعد. وإذا تعذر ذلك لأي سبب من الأسباب فقد يكون من الملائم لبعضهم التفكير في الانتقال من المدن الرئيسة إلى مدن أقل كثافة سكانية، لأن الهجرة العكسية من المدن الكبيرة لذوي الدخل الثابت ( الموظفين ) يؤدي إلى زيادة الدخل الحقيقي بنسبة 20 إلى 40%، وأيضاً ارتفاع مستوى الرفاه وجودة الحياة. وبالتالي يمكن تعويض الانخفاض الحاد في مستوى الدخل النقدي بعد التقاعد بالارتفاع المتوقع في مستوى الدخل الحقيقي بعد الانتقال إلى مدن أقل كثافة سكانية. * مستشار اقتصادي